18 سبتمبر 2025

تسجيل

كان زمان

31 مارس 2021

لسنوات طوال لعبت الإذاعات دوراً مهماً في تقديم الفنانين إلى المستمعين، وأبرزت طاقات إبداعية في كافة عناصر الأغنية شعراء، ملحنين، موسيقيين، مؤدين، كما أن الإذاعات قدمت تنوعاً في إطار الغناء عبر طرح ما يلامس ذائقة الناس، كان للأسرة نصيب وافر في هذا الإطار، وما زلنا حتى الآن نترنم برائعة حسين السيد والموسيقار محمد عبدالوهاب وصوت فايزة أحمد "ست الحبايب" كنموذج، كما أن الأغاني العاطفية والوصفية قد احتلت جانباً من حياتنا، في إطار الكيانات الحياتية الأخرى، ساهم الفنان في الترنم بقيمة العمل، سواء في إطار المصانع أو الفلاحة أو غيرهما. والأهم أن جهد المؤلف والملحن كان يذكر قبل تقديم الأغنية، وهذا الأمر مع الأسف قد أصبح جزءاً من الماضي الذي لا رجوع إليه، فلم يعد المستمع مثلاً يعرف هذه الترنيمة من كلمات من؟، ومن تلحين من؟، واختلط الحابل بالنابل، كما أن الفرق الشعبية مع الأسف قد تحوّلت في ذاكرة الأجيال إلى إطار ملغى، فلا يدرج ما شكل لسنوات إطاراً محبباً للأجيال، سواء في الإذاعات الرسمية أو تلك الإذاعة التي تعتمد على إرثها من الأغاني ولا شيء سوى الأغاني. أعود لأكثر من نصف قرن وأنا أقتحم إذاعة قطر، كان ذلك في تاريخ معلق بالذاكرة 25 / 6 / 1968 عندما انطلق صوت إذاعة قطر، لتشكل مع إذاعة الكويت والبحرين مجالاً آخر للإعلام المسموع خليجياً، وحدثاً مهماً بحق، والأهم أن إذاعة قطر منذ نشأتها قد ضمت أبرز الأسماء والكوادر العربية من معظم الأقطار العربية، بدأت إذاعة قطر إذاعة عروبية الهوى، اسلامية الانتماء، بمعنى أن تحافظ على كل القيم والعادات والتقاليد عبر برامجها وخططها ومناهجها، وشكلت عبر نسيج رائع فسيفساء خاصة، ضمت كوكبة من مصر والأردن وسوريا ومن السودان وفلسطين واليمن وغيرها من البلدان، كما أن الإذاعة عبر أقسامها خلقت مجالات متعددة كنهر فياض في خلق جيل يؤمن بذاته من أبناء هذا الوطن. أنا أتوقف قليلاً أمام نتاج مراقبة الموسيقى والغناء، ودور المرحوم تيسير عقيل الذي أسس الركيزة الأساسية في الإسهام في تطوير الأغنية القطرية مع الحفاظ على الإرث القديم، فبجانب الصوت.. الفن الخالد ودعم وتشجيع الرعيل الأول مثل سالم فرج، إدريس خيري، تبنت الإذاعة أصواتا شابة أخرى مثل "إبراهيم علي" وغيرهم، بجانب تطوير فن "البستة" وإخراجها من الأداء التقليدي إلى إطار أكثر تطوراً وحداثة، ساهم كل هذا في دفع عجلة الأغنية إلى عوالم أكبر واشمل، خاصة في ظل وسائط تساهم في إثراء الساحة الغنائية عبر فرقة موسيقية متكاملة، ضمت أبرز الفنانين في العزف على آلات مختلفة، فهناك القانون والموسيقي أحمد الخفاجي، وهناك الناي وعبده الشامي، والكمان وكل من مصطفى أحمد علي وعبدالحميد الشريف بجانب يحيى النحاس وآلة الشيللو وغيرهم.أما الكورس فحدث ولا حرج بجانب عدد من أبناء الوطن مثل المرحوم سعد المناعي، وليد السبع، محمد رشيد وغيرهم. كما أن إسهامات الفنان والشاعر ضمن إطار الفرقة الموسيقية أمر في غاية الأهمية، وهو المرتبط بالتراث الشعبي الفنان خليفة جمعان السويدي والملحن المرحوم حسن علي درويش والفنان سالم تركي وإبراهيم علي. نقطة أخرى في غاية الأهمية أن مراقبة الموسيقى تحولت إلى خلية نحل، تستقطب جل الفنانين العرب من أجل تسجيل أغانيهم في إذاعة قطر، كان الفنان الخليجي في تلك الفترة متواجداً كي يقدم ذاته للأذن العربية عبر إذاعة قطر، كما أن العديد قد التحق بالعمل ضمن الفرقة الموسيقية، مثل الفنان عيسى بدر، أحمد سند، فهد عطية وعازف الإيقاع أبو بكر. في تلك الفترة من عمر الزمن، التميز صفة من صفات إذاعة قطر وتحولت الإذاعة إلى قبلة الفنانين الخليجيين، تستقطب كل الفنانين وتدعم مسيرتهم وتشجعهم على الخلق والإبداع كل حسب موهبته، أتذكر الزيارات الفنية لعدد من مطربي الزمن الجميل من أمثال عبدالله أحمد، أحمد يوسف الزبيدي، وأحمد السنيدار، حمدان الوطني، محمد سلطان المقيمي، محمد علي عبدالله، ماجد عون، عبدالواحد عبدالله، محمد راشد الرفاعي، عيسى بدر، أحمد سند، عبدالله سالم بو شيخة، علي خالد، وعشرات الأسماء بجانب عبدالكريم فرج، إبراهيم فرج، حارب حسن، بجانب نجوم اللعبة في إطار خلق المواقف الكوميدية مثل عبدالعزيز الهزاع، سعد التمامي، مطلق الدخيل، وبو خوه وأسماء غابت عن الذاكرة وأسماء ساهمت بدورها مثل أحمد الراوي، وأحمد سلمان من العراق بجانب عبدالجبار الدراجي. ولا ننسى دور الإذاعة في تسجيل مجموعة من الأغاني لعدد من الفنانين المصريين الذين أقاموا حفلاً غنائياً في سينما الأندلس مثل الفنان إسماعيل ياسين، محمود شكوكو، عادل مأمون، محمد العزبي، ماهر العطار، بدعوة من نادي الوحدة (العربي حالياً) وكان حضورهم حدثاً مهماً. رحلة إذاعة قطر، رحلة ممتدة في إطار الغناء والموسيقى، قدمت العديد من أبرز الوجوه الفنية، بدءاً بالفنان المرحوم فرج عبدالكريم وصولاً إلى نجوم هذا الجيل من أمثال فهد الكبيسي، عيسى الكبيسي، منصور بوصبار، عايل، فهد الحجاجي، سعود جاسم، غانم شاهين وغيرهم، وهذه سطور لما كان ذات يوم من دور للإذاعة، وعصر الأسطوانات، ثم اقتحم الأمر أشرطة الكاسيت، حتى وصلنا إلى واقعنا الحالي، وهذه سطور لمواطن رافق مسيرة الإذاعة والموسيقى والغناء وغداً أو بعد غدٍ سيأتي من يدعي أنه الموكل إليه برصد حركة الغناء في قطر.. والله المستعان!. ‏[email protected]