13 سبتمبر 2025
تسجيلكتبت قبل 24 عاماً مقالا عن تطور الكهرباء والماء في قطر قلت فيه: إنه حتى نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، لم يكن في قطر أي محطة عامة لتوليد الكهرباء أوتحلية المياه، ولم يكن هناك من مصدر للماء سوى الآبار الجوفية المتفرقة، وبعد أن بدأ إنتاج وتصدير النفط في عام 1950 تأسست أول محطة محدودة لتوليد الكهرباء، وتحلية المياه بطاقة 150 ألف جالون يوميا. وكانت الخطوة الثانية في عام 1963 بإنشاء محطة رأس أبوعبود بطاقة 15 ميجاواط كهرباء ونحو مليون جالون من المياه يوميا. ومع تزايد عدد السكان، واجهت قطر في النصف الأول من السبعينيات اختناقات كبيرة في إمدادات المياه التي كان يتم توفير جانب كبير منها بواسطة صهاريج المياه، وعرف السكان في تلك الفترة عمليات القطع الدوري للتيار لعدة ساعات في أشهر الصيف. ثم تحسن الوضع منذ عام 1977 بعد تشغيل المرحلة الأولى من محطة أبوفنطاس التي وفرت نحو 80 ميجاواط من الكهرباء و7 ملايين جالون من المياه يوميا، وبنهاية عام 1979 وصلت الطاقة الإجمالية لمحطة رأس أبو فنطاس إلى 618 ميجاواط، إضافة إلى إلى 210 ميجاواط من محطة رأس أبوعبود. ومرة أخرى أدى تزايد عدد السكان ومشروعات التنمية، إلى تزايد الحمل الأعلى لاستهلاك الكهرباء من 534 ميجاواط في عام 1980 إلى مستوى 941 ميجاواط في عام 1988. وبذلك دخلت البلاد بنهاية الثمانينيات مرحلة من التقشف في توزيع الكهرباء تجلي بصدور قرار عام 1988 بوقف تزويد المباني الجديدة بالتيار الكهربائي عدة سنوات. ومع تزايد الحمل الأعلى لاستهلاك الكهرباء، تواصلت عمليات التوسعة في محطة أبوفنطاس مما رفع إنتاج المياه إلى 95.5 مليون جالون يوميا، والكهرباء إلى 1400 ميجاواط في عام 1994. وتقرر في تلك الفترة تنفيذ مشروع جديد هو أبوفنطاس "ب" على مراحل، بطاقة كلية للمشروع تصل إلى 1000 ميجاوط كهرباء و60 مليون جالون يومياً من المياه. وبعد دخول قطر مرحلة إنتاج وتصدير الغاز من حقل الشمال في السنوات الأخيرة من القرن العشرين، تسارع النمو السكاني بشكل غير مسبوق بحيث تضاعف العدد الكلي عدة مرات من 522 ألف نسمة في تعداد 1997 إلى أكثر من 2.7 مليون نسمة في عام 2018. وكان لابد من مجاراة هذه الزيادات السريعة، فضلاً عما يفرضه الاستغناء عن المحطات القديمة في رأس أبوعبود ثم في أبوفنطاس (أ) من بناء محطات أخرى جديدة أكبر طاقة، وأحدث تقنية، وأكثر التزاماً بمعايير البيئة. ومن هنا تعددت مشروعات الطاقة التي تم تدشينها، وكان في مقدمتها محطة أم الحول التي تفضل حضرة صاحب السمو الأمير المفدى بافتتاحها يوم الإثنين الماضي، وهي الأكبر في المنطقة وتنتج بمفردها 2520 ميجاواط كهرباء، ونحو 136 مليون جالون من الماء يوميا، وبتكلفة 11 مليار ريال. وستؤمن هذه المحطة بمفردها ما نسبته 30% من حاجة قطر من الماء و40% من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية. وهنالك مشروع محطة سراج للكهرباء الذي سيتم استكماله في الربع الرابع من عام 2021 بطاقة 700 ميجاواط. كما ستضيف محطة أبوفنطاس المحدثة التي سيبدأ العمل في إقامتها اعتبارا من نهاية هذا العام نحو 2000 ميجاواط كهرباء، و60 مليون جالون يومياً من الماء. وإضافة إلى ما تقدم، حرصت دولة قطر على إنشاء خزانات إستراتيجية كبرى للماء لتحقيق الأمن المائي في البلاد، وقد تم في يونيو 2018 تدشين المرحلة الأولى منها، ورفعت تلك الخزانات السعة التخزينية في الدولة إلى ما يقارب 398 مليون جالون، وهو ما سيلبي احتياجات الدولة من الماء حتى عام 2026. إن هذا السرد التاريخي لقصة تطور إنتاج الكهرباء والماء في قطر من البداية قبل ما يزيد على 60 عاماً، إلى افتتاح محطة الحول في مارس 2019، يؤكد أن تفوق قطر وبلوغها مراكز عليا متقدمة بين الأمم لم يأت من فراغ، وإنما بفضل جهود حثيثة على مدى العقود الماضية، ويأتي في مقدمة تلك الجهود ما يتعلق بتأمين احتياجات البلاد والعباد من الكهرباء ومن الماء الذي قال الله فيه: "وجعلنا من الماء كل شيء حي". [email protected]