15 أكتوبر 2025
تسجيلخلال الأسبوع الماضي افتتحت قطر محطة أم الحول العملاقة التي ستوفر ما يزيد على ثلث إنتاجنا المحلي من الكهرباء والماء، والثاني افتتاح متحف قطر الوطني وسط حضور عربي ودولي حاشد.. حدثان يؤكدان تناغم عناصر التنمية في قطر، ويجعلانا نفكر في عناصر هذا التناغم وأسبابه وآثاره. أول ما نلاحظه أن قطر تسير بالتوازي في كل المجالات... السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية وفق رؤيتها الوطنية التي بدأت عام ألفين وثلاثة عشر وانتهت مرحلتها الأولى العام الماضي الذي كان بداية الحصاد الفعلي لهذه الرؤية، حيث بدأت قطر تجني ثمار غرسها رغم الحصار الجائر المفروض عليها. رؤية قطر الوطنية اعتمدت على ركائز أربع كان الإنسان أهم محاورها، فعملت على التنمية البشرية في كل مستوياتها بداية من توفير بنية تحتية قوية تجذب الاستثمار وتشجع عليه وانتهاء بتوجيه العلم والثقافة لخدمة اقتصادنا الوطني وتوجهات الدولة في تعزيز سيادتها وتوثيق علاقاتها مع كل دول العالم. فالتناغم في المشاريع سببه الرئيسي وجود رؤية واضحة أسفرت عن خطط محددة تبعتها إجراءات ومتابعات كانت نتيجتها تسارعا في تنفيذ المشروعات.. إن افتتاح محطة أم الحول يعزز من توجه قطر نحو اقتصاد المعرفة، فتعزيز قدرتها في الطاقة وتنويع مصادرها يقويان بنيتها التحتية التي تعتمد على الطاقة في كل أنشطتها.. لقد استثمرت قطر أكثر من مائتي مليار ريال في هذه البنية التحتية، وهو رقم ضخم، لكن هذا الاستثمار ستكون له عوائده لعقود طويلة.. إن محطة أم الحول تعد من أكبر محطات المياه في المنطقة وبلغت تكلفتها الإجمالية 11 مليار ريال؛ حيث ستكون طاقتها الإنتاجية للمحطة 2520 ميجاوات من الكهرباء و136.5 مليون جالون من المياه المُحلاة الصالحة للشرب يومياً.. المشروع سيؤمن 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء، كما سيوفر 30% من احتياجاتها من المياه. قطر في هذا المشروع تؤكد رؤيتنا القائمة على الانفتاح وتوطين الخبرات؛ فشركة الكهرباء والماء القطرية تمتلك 60% من قيمة المشروع، بينما لقطر للبترول ومؤسسة قطر 5% لكل منهما. ويمتلك تحالف ميتسوبيشي تيبكو نسبة 30% المتبقية.. وقطر من الدول المصدرة لرأس المال لكنها لم تستأثر بالمشروع بمفردها بل كانت شراكتها الأجنبية لتعزيز الخبرات وجلب أحدث المعدات التقنية.. وهذا ما حدث بالفعل فشركة أم الحول لديها 6 توربينات غازية و4 بخارية.. حيث حصلت قطر على التوربينة رقم 1000 على مستوى العالم. وما يؤكد التناغم في التنمية القطرية أن محطة أم الحول أتت بعد أربعة أشهر فقط على افتتاح مشروع الخزانات العملاقة في أم صلال، وهذا يؤمن المرافق الأساسية للأجيال القادمة بما يضمن استثمارات طويلة الأمد، وبهذا تكون الدولة قد حققت وظيفتها في توفير بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار. المشروع الثاني الذي افتتحه سمو أمير البلاد المفدى هو متحف قطر الوطني.. سمو الأمير أعلن في خطابه أن المشاريع الثقافية لها انعكاسات اقتصادية، فمكتبة قطر الوطنية والمتحف الوطني وكتارا وغيرها تعزز توجه الدولة نحو قطاع السياحة والضيافة، فالسياحة القطرية تتنوع إلى سياحة علاجية وترفيهية وتثقيفية، وباتت السياحة مصدرا من مصادر الدخل القومي لدولة قطر؛ حيث شهدت معدلات الاستثمار في القطاع السياحي بدولة قطر انطلاقة غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة مما اعتبره كثيرون بوابة عملاقة للإيرادات خلال السنوات المقبلة، من خلال الزيادة المرتقبة في مساهمة السياحة بالناتج المحلي، الأمر الذي دخلت به قطر مرحلة جني ثمار المجهودات الكبيرة التي تم بذلها خلال السنوات الأخيرة، والانطلاقة التي شهدتها الاستثمارات السياحية. ويأتي الاهتمام بذلك القطاع الحيوي استعداداً لمونديال 2022، حيث ركزت دولة قطر على الإسراع في تنفيذ مشروعات البنية التحتية والمشروعات الفندقية لتهيئة الأجواء بما يتوافق مع متطلبات السوق واحتياجات الفترة المقبلة، خاصة مع التوقعات بارتفاع معدلات تدفق السائحين، على الرغم من ظروف الحصار الجائر المفروض على قطر وشعبها. ووفقاً للتقرير نصف السنوي للهيئة العامة للسياحة فإن قطر استقبلت 689.944 زائراً خلال النصف الأول من عام 2018، وسجّلت أعداد الزوار القادمين من الهند وروسيا وألمانيا نمواً كبيراً مقارنة بنفس الفترة من عام 2017، ووسط تبعات الحصار حققت أعداد الزوار القادمين إلى قطر تعافياً نسبياً في شهر يونيو 2018، حيث سجّلت زيادة نسبتها 23 % مقارنة بشهر يونيو 2017. وتهدف قطر إلى زيادة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 5.2 % خلال السنوات القادمة، بالإضافة إلى توليد 98 ألف فرصة عمل وتوفير أكثر من 63 ألف غرفة فندقية. وتشير توقعات الهيئة العامة للسياحة في قطر إلى ارتفاع إجمالي المساهمة الاقتصادية لقطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 48.5 مليار ريال قطري في عام 2015 إلى 81.2 مليار ريال قطري بنسبة 7.3 % بحلول عام 2026، وشكلت الاستثمارات في قطاع السفر والسياحة ما نسبته 2.2 % من إجمالي التمويل في البلاد في عام 2015، ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة 8.6 % سنوياً حتى عام 2026. ووفقاً للتقرير السنوي لمجلس السفر والسياحة العالمي في لندن WTTC، فإن مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي في قطر تجاوزت 59.6 مليار ريال قطري في عام 2017، بنسبة تقدر 10 % من قيمة الناتج الإجمالي، وبلغ حجم الاستثمار في قطاع السياحة في العام الماضي 6.2 مليار ريال قطري بنسبة تقدر بـ 2.4 % من إجمالي الاستثمار في قطر. وأشار التقرير الاقتصادي السنوي لعام 2018، إلى أن إجمالي مساهمات قطاع السياحة في مجال التوظيف في قطر، بما في ذلك الوظائف التي تدعمها صناعة السياحة بشكل غير مباشر قد سجل % 9.2 من إجمالي العمالة، حيث شمل 175 ألف وظيفة تم إشغالها خلال عام 2017، كما أشار التقرير الاقتصادي السنوي لمجلس السفر والسياحة العالمي في لندن إلى أن الإنفاق على قطاع الترفيه داخل قطر قد سجل نسبة 60.4 % من الناتج المحلي للسفر والسياحة في عام 2017، أي ما يقرب من 31.2 مليار ريال قطري، في الوقت الذي سجل فيه قطاع سفر الأعمال في قطر نسبة أقل قدرت بـ 39.6 %، أي ما يقدر بـ 20.5 مليار ريال قطري خلال عام 2017. وتوقع التقرير الاقتصادي السنوي لمجلس السفر والسياحة العالمي في لندن أن يلعب قطاع السياحة دورا أكبر في اقتصاد قطر خلال السنوات العشر القادمة وحتى 2028، حيث سيبلغ حجم مساهمة هذا القطاع 133.5 مليار ريال قطري من إجمالي الناتج المحلي في قطر في عام 2028، بزيادة ضعف حجم المساهمة لقطاع السياحة في العام الماضي 2017، التي سجلت 59.6 مليار ريال قطري، كما ذكر التقرير أن الاستثمار في قطاع السياحة في قطر قد يتجاوز 14.5 مليار ريال قطري أي بنسبة 4.2 % من إجمالي الاستثمارات في قطر في عام 2028. [email protected]