15 سبتمبر 2025

تسجيل

بين إرهاب داعش وإرهاب (إسرائيل)

31 مارس 2016

في الوقت الذي تقع فيه جريمة إرهابية بحق في بلجيكا ويتهم فيها متطرفون مسلمون ويحاول إعلام ودبلوماسيو العدو الصهيوني أن يلصقوا أنفسهم بصورة الضحية وأن يعمموا صورة الإرهاب والتطرف على فصائل المقاومة الفلسطينية يتم تصوير جندي صهيوني وهو يجهز على فلسطيني جريح في مدينة الخليل؛ فينقلب الاهتمام العالمي إلى إرهاب الصهاينة خلافا لمقصودهم ثم يحاول زعماء العدو الدفاع عن هذه الفضيحة القانونية والأخلاقية بزعم أن ما قام به الجندي تصرف فردي منفعلا باللحظة وأن أخلاق جيشهم لا تقبل ذلك.والحقيقة أن الصهاينة كذابون أشرون وكيانهم إرهابي لا أخلاقي والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى في جهتها أو في عددها؛ من تاريخهم وأفعالهم ووقائعهم ثم من ثقافتهم ومصادرهم ونصوصهم قبل أن يكون من مصادر غيرهم أو من رصد سواهم..وأقول: أما تاريخهم فانظر إقامة كيانهم الاحتلالي يوم كانت عصاباتهم المدعومة بالمجتمع الدولي آنذاك (عصبة الأمم ونظم المؤامرة) تشمر فلسطين تقتيلا وتهديما وتهجيرا! وعدّد إن شئت مجازرهم وما سفكوا من دماء الفلسطينيين العزل! وكم من مائة مدينة وقرية وخربة هدموا وشردوا أهلها وأوقعوا فيها إرهابهم! وهذه وقائعهم وحروبهم كلها بعد ذلك..ألم يقتلوا آلاف الأسرى المصريين ويدفنوهم في مقابر جماعية! وهذه آخر حروبهم الأربعة على لبنان وغزة التي كان المستهدف الأساس فيها البنى المدنية للمجتمعين اللبناني والفلسطيني من مستشفيات ومدارس ومقار الأمم المتحدة وصولا إلى جريمة حصار غزة الذي هو جريمة حرب موصوفة وهو أطول حصار عرفه التاريخ الحديث.وعندما يمارس الكيان "الأبارتهايد" – التمييز العنصري- ضد الفلسطينيين ثم تأتي استطلاعات الرأي مؤيدة له على المستوى الشعبي الصهيوني بنسبة 58% كما أشارت الصحف "الصهيونية" في نوفمبر 2012 فإن ذلك يعني أن الإرهاب ليس مجرد سياسة نخبة أو حالة استثنائية ولكنه إرهاب ثقافة تخترط الكل الصهيوني من القمة إلى القاع.وفي السياق الثقافي أيضا فإن الكيان هو التجسيد الكامل والواضح لثقافة العزلة والاستعلاء والكراهية وبناء الأسوار والجدر دون الآخرين في عالم تميزه ثقافة السلام والانفتاح والعولمة والحريات وحقوق الإنسان.وتلك توراتهم ونصوصهم التي تشرعن الإرهاب صراحة؛ وأنقل - مكتفيا بموضعين - ما جاء في سفر العدد 7 – 18 يشجع على قتل كل حي من أعدائهم فيقول (فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت رجلا بزواج..)، وفي سفر يشوع 28 – 34 يتحدث عن مدن أعدائهم يشجعهم على التطهير العرقي فيقول: (فنزلوا عليها وحاربوها وضربوها بحد السيف..هي وكل نفس بها حتى لم يبق منها شارد).وإذن فالإرهاب الصهيوني ليس مجرد فكرة طارئة على ثقافة القوم في لحظة انفلات، ولا هو رأي مفكر أو زعيم استثنائي مرّ في تاريخهم ووصمهم بعار التطرف والإرهاب كما مر موسوليني على إيطاليا أو لينين وستالين وبوتين على روسيا.. ولكنها ثقافة وعقيدة متوارثة من أب لابن ومن جد لأب.وفي كتاب الله عندنا الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) قد وصفوا أيضا بأسوأ الأخلاق؛ فوصفوا بالإفساد في الأرض فقال تعالى (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا) ووصفوا بنقض العهد فقال تعالى (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم) ووصفوا بالتزوير وخيانة أمانة العلم فقال تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون)، ووصفوا بتكذيب وقتل الأنبياء فقال تعالى (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون) ووصفوا بالمسيئين الأدب مع الله جل جلاله وتقدست أسماؤه وتعالت صفاته فقال يقصدهم (لَقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ).آخر القول: إذا كان إرهاب داعش وخلاياها النائمة والمستيقظة في أنحاء الدنيا مدانا قيراطا؛ فإن إرهاب العدو الصهيوني مدان ألف قيراط في الكمّ والكيف، وعليه فإن الحديث عنه والتذكير به يجب أن يظل صنعة الوطنيين والأحرار ومنهجية عمل وبناء ولا يجوز أن يظل مترددا بين التذكر والنسيان أو رهنا للأحيانية.