12 سبتمبر 2025

تسجيل

الصدقة.. وهزيمة زمرة الشيطان

31 مارس 2014

وقف ينتظر سيارة أجرة تحمله إلى حيث يرغب.. ونظر إلى ساعته فألقاها العاشرة والنصف مساء.. وكانت الشوارع خالية من المارة إلا القليل.. عربات تمرق إلى جانبه كالسهم تحمل بعض السكارى الذين يرتدون الطراطير المزركشة.. وفي أفواههم مزامير.. وقد ظل واقفا فترة.. ولكنه قرر السير على قدميه إلى منزل صديقه الذي لا يبعد عن مكانه هذا.. وأخذ يسير في الطريق الخالي من المارة الذين يحتفلون بليلة رأس السنة.. أو الذين يحتمون من البرد في بيوتهم.. إن الجو بارد وأحس برجفة تسري في بدنه.. عندما رن في سمعه حديث السيدة المحتشمة بالسواد التي صادفته الليلة عند خروجه من محل البدال، والتي أثارت بحديثها عطفه عليها فأخرج لها ما يعوضها من نقود بعد أن قالت له: هذه يا سيدي بقايا النقود التي أمتلكها من ثمن بيع آخر شيء أمتلكه وينقصها بعض القروش لتكملة ثمن شراء دواء ابني المريض الملازم للفراش منذ أكثر من شهرين.لقد أحاط بزوجي زمرة من أعوان الشيطان فسقط.. وسقطنا معه، وما هي إلا أعوام قلائل حتى أصبحنا لا نملك غير حجرة صغيرة مفروشة ببقايا الأثاث الذي بيع.. أسكنها أنا وابني المريض بعد أن مات زوجي إثر مرض قاسى منه عذاب الجحيم.. وتركنا فريسة للدائنين.. الله يبعدك يا ولدي عن طريق زمرة الشيطان..وأتاه صوت صديقه وأحد زمرة سهرة الليلة.. كأنه آت من عالم بعيد يرن في سمعه كدوى الطبل.. عندما حاول أن يعتذر له متعللا بانقضاء هذه الليلة- مع زوجته وابنته الوحيدة المريضة (سلوى)."عيب عليك يا راجل تقول هذا.. أأنت من هؤلاء الأزواج الذين يؤمرون من زوجاتهم؟ هذه ليلة العمر سنقضيها معا لنشرب نخب العام الجديد.. وسنكون في انتظارك أنت وزجاجة الويسكي الفاخرة ولوازم عشاء "الشلة"، وقاطع صوت صديقه.. صوت زوجته في حنان وهي تودعه عند باب الشقة:"لا تتأخر الليلة.. سأكون في انتظارك أنا و(سلوى) لنستقبل عاما جديداً..".وعلى درج العمارة التي يقطنها صديقه تلاحقت أمام عينيه صور كثيرة أبرزها صورة المرأة المتشحة بالسواد وهي تقول بصوتها الواهن المرتعش وهي تمضي شاكرة:"الله يبعدك عن طريق زمرة الشيطان..".. وكأنما الحق سبحانه استجاب لدعوتها، فقبل أن يصل إلى نهاية الدرج الموصل إلى شقة زمرة الشيطان.. أحس كأنما غشاوة قد أسدلت على عينيه فحجبت عنه الدرجات.. فكاد ينكفئ على وجهه لولا أن استند إلى الحائط وقد وقع كل ما كان يضمه على صدره من زجاجة الويسكي ولوازم السهرة.ونظر مليا إلى الزجاجة وقد تناثرت أشلاؤها هنا وهناك.. وبدا منظرها في نظره كريها، وسرعان ما اختطف بدون وعي درجات السلم هابطا، هربا من المصير المذموم.. عائداً إلى بيته حامداً ربه الذي نجاه من عصبة الشيطان.قابلته بعد شهرين المرأة المتشحة بالسواد وسألته عن أحواله فقال: الحمد لله الذي أبعدني عن زمرة الشيطان بفضل دعائك..قالت: الحمد لله الذي شفى ولدي من المرض بفضل نقودك المباركة.. وعاد والشكر لله – إلى عمله ويتمنى رؤيتك ليشكرك على صنيعك.قلت: رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا"، وأنا أتبع السنة المطهرة وعندما دفعت لك المبلغ الزهيد كصدقة شفيت ابنتي سلوى، وصدق رسولنا الذي قال "داووا مرضاكم بالصدقة".ونتيجة لدعائك أنقذني الله من زمرة الشيطان، فأي شكر لك أهدى!!