05 أكتوبر 2025

تسجيل

شكل العالم القادم

31 يناير 2021

يجمع المراقبون والمتابعون على أن ترامب وفترة رئاسته أحدثت شروخاً في الذهنية الجمعية للأمم، وأن ما سيتبع سيكون على نمط المسارات الفكرية وسلوكيات السيد ترامب، ولكن من يمعن النظر سيرى أن ما قام به ترامب يدفع العالم للتقارب، فإن رؤية نذر حرب تجارية تصيب بالعطب شريان التجارة العالمية أحدث مخاوف من قبل المؤسسات العالميه والاقتصادات التي تتلقف لقمة عيشها من التبادل التجاري، ما أحدثه ترامب هو إلقاء الضوء على مدى التباين وأهميته للإنسانية بعد أن اعتبرتها الإنسانية (تحصيل حاصل)، كما اعتبرت أن النظام الديموقراطي تحصيل حاصل. دفع ترامب الإنسانية للعودة لطاولة الرسم والتفكير ومراجعة النظم والنفس من العنصرية الكامنة، والتي جاء الوقت للقضاء عليها بعد مهادنتها لفترة طويلة خاصة في الغرب والولايات المتحدة، ما سلط عليه ترامب الضوء هو الهياكل في الدواليب التي أخرجها للعلن لينظر الإنسان فيها ويعيد تقييم ما قام به خلال العقود الماضية، وهل تكفي أم يحتاج جهداً نفسياً منا كبشر، وعدم الركون للإحساس أن البشرية تعالجت، أو أن الأمور لا بأس منها، بل حضت سلوكياته على الغوص في النفس الإنسانية، ومحاولة سبر أغوارها. لقد فتح صندوق "بندورا" وهومليء بالزواحف والقوارض، ولا بد للإنسانية من تجديد رؤيتها لغايات البشرية بشكل يتوائم بحاضرها، فالكل هلل لنهاية العولمة، ولكن ما رأينا هو مدى أهمية العولمة للاقتصاد العالمي، وإن كان رأى البعض أن كورونا أضافت بعداً آخر لمنحى ترامب، فإن كورونا وحدت العالم ضد عدو واحد وحّد مصير الإنسانية، وربط بين أفعالها وتبعات تلك الأفعال لكل دولة على دولة وكل شعب على شعب. فالدرس هو وحدة مصير الإنسانية وليس فرقتها. ما أراه هو أن أفعال وسلوكيات ترامب ستسمح للإنسانية بتقدير ترابطها لما له من أهمية وتدفع بصناع القرار لوضع الانتباه والعمل والجهد المطلوب لكي تستمر الإنسانية في درب التطور والازدهار، وما قام به السيد ترامب هوالتمهيد للسيد بايدن بعد تفكيكه للنظام العالمي بأن يشرع في إنشاء نظام عالمي أكثر عدلاً وأكثر مراعاة لبقية الدول، فالعامل اليوم ليس بعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، فالاقتصاد الأمريكي كان يحوز على 50% وقتها، واليوم لا يزيد عن 15%، فإعادة هيكلة النظام العالمي ضرورة لتمكين العالم والاقتصاد العالمي من الاستمرار في النمو والتقدم، الحاجة للتنظيم وإعادة التنظيم للنظام العالمي أمر قائم وعدم أخذ هذا الأمر مأخذ المسلم به هوخطأ وترامب شاهد على أن قوى مضادة تتربص، وكل ما تحتاجه هوالسهو أو اللامبالاة من قبل البشرية، حتى تقوض قوى الرجعية ما حققته الإنسانية من تقدم. المستقبل يبشر بخير فالأربع سنوات الماضية أنارت مرة ثانية الطريق وحفزت أصحاب المبادئ للحراك، ولذلك فمن المتوقع أن تكون السنوات القادمة سنوات يكون فيها الاقتصاد العالمي في أحسن أوقاته، فالمتوقع أن الولايات المتحدة تعود للاتفاق النووي، وهذا سيسمح للمنطقة بالعودة للهدوء والاستقرار، مما يمكن اقتصادات المنطقة من العودة للنمو الاقتصادي. وإذا أضفنا لذلك عودة التئام الشمل الخليجي فهاذان عاملان سيكونان داعمين للاقتصادات الإقليمية، توفر اللقاحات وأخذ الولايات المتحدة الإجرءات الاحترازية سيخفف من وطأة الوباء، وهذا سيكون داعماً آخر للاقتصاد العالمي والاقتصادات الآسيوية في حالة تعافٍ، وأسعار النفط استعادت مستويات ما فوق 50 دولاراً، وهذا سيمكن اقتصادات المنطقة من التعافي وتجاوز مخاوف العجوزات، وإذا استمر الاقتصاد العالمي في التحسن في نموه، فمن المتوقع استمرار تحسن أسعار الطاقة وهوما تحتاجة اقتصادات المنطقة في الفترة القادمة، ومن المتوقع عودة المشاريع الخليجية للواجهة وهذا مصدر آخر يغذي النمو الاقتصادي. ولذلك فإن إنشاء الشركات وتحسن أداء البورصات العالمية والخليجية سيكون متوقعاً خلال 2021، ولهذا سنرى قدرة المنطقة على جذب الاستثمارات والمستثمرين وتبدو أنها ستكون سنة مميزة اقتصادياً واستثمارياً.