11 سبتمبر 2025

تسجيل

قضايا المياه في الدراسات البيئية

31 يناير 2015

اهتم العرب عند إنشاء مدنهم بتوافر مجموعة من الشروط البيئية اللازمة لصلاح الإقامة والمعيشة في هذه المدن، وكان من أهم هذه الشروط أن يكون للمدينة مصدر مائي عذب، أو قريبة منه، لأن الماء سيروي الإنسان والحيوان والنبات ومن النبات يكون غذاء الإنسان والحيوان، ومن خشبه تبنى المساكن وتتوافر الطاقة المحتاج إليها في الطهي والتدفئة، ويرى ابن خلدون أن المدن تحتاج لحواجز طبيعية تعوق هجوم الأعداء عليها كالأنهار والهضاب الوعرة، والوقوع باستدارة بحر أو نهر بها حتى لا يصل إليها العدو إلا بعد العبور على جسر أو قنطرة؛ فيصعب عليه النيل منها، ويتضاعف تحصينها، وتحدث أبوزيد البلخي عن الشروط الواجب توافرها في البيئة الصالحة للإعاشة، فأشار إلى أن أفضل المساكن هي التي تجاور الأنهار العذبة التي تنبع من منابع طيبة التربة خالية من الشوائب الرديئة المفسدة لطعم الماء أو رائحته، وأن تكون مجاري الماء مكشوفة للشمس ليرقفها ضوء وشعاع الشمس، ويحدثا فيها نوعاً من الخفة واللطافة، وتكون سريعة الحركة في جريها، وأن تكون بعيدة عن مواضع المستنقعات والترب الفاسدة، والمياه الآجنة، ومياه المناقع والبطائح حتى لا ترتفع منها أبخرة رديئة ويتأذى بالمجاورة له، ويربط محمد بن أحمد التميمي المقدسي تلوث الماء بتلوث الهواء فيقول: "إن الجو – الهواء إذا فسد بنوع من أنواع الفساد الداخلة عليه فلا محالة أنه يفسد لأجل ذلك أيضاً الماء المجاور لتلك الأهوية الفاسدة؛ لقبوله ما يحدثه فيه الهواء من الحر أو البرد أو العفن أو الغلظ، هكذا أبدى علماء المسلمين اهتماماً واسعاً بقضايا المياه من جوانب عدة: شرعية ولغوية وبيئية، وهذا يعني أنها كانت ذات مكانة متميزة في الحضارة الإسلامية. هذا وبالله التوفيق.