01 نوفمبر 2025

تسجيل

العـز بن عبد السلام

31 يناير 2014

ما إن يرد ذكرٌ للمغول الهمج في وقت من الأوقات بالتاريخ الإسلامي إلا وجدت اسماً علماً أو قامة شامخة.. تلك القمة متمثلة في العالم الرباني، العز بن عبدالسلام، العالم الشجاع، الذي يذكره المؤرخون على أنه من أعظم الرجال الذين ظهروا في فترة حكم المماليك لمصر. مما جاء في سيرته أن الملك الصالح إسماعيل قد منح أو باع بلدتين من ديار المسلمين إلى الصليبيين لأغراض مشبوهة، لا تقل سوءاً عما يحدث في عالم اليوم أيضاً، مما أثار غضب المسلمين حينذاك، وأثار غضب العلماء تحديداً. كان للعالم الرباني الشجاع العز بن عبدالسلام موقفه الشجاع، حيث صعد المنبر يوماً وبدأ يخطب في الناس، حيث استنكر ما قام به الملك وأعلن أنه قد خان الأمة الإسلامية بأسرها وأنه لا طاعة له، بل وطالب بخلعه على مرأى ومسمع من الجميع! تم إلقاء القبض عليه وأودع السجن، فثار الناس تأييداً للعالم الشجاع وطالبوا بالإفراج عنه، فشعر الملك بتورطه وحاول التخفيف من ثورة الشعب وامتصاص غضبه، مع المحافظة في الوقت ذاته على ماء وجهه أمام الناس.. فأرسل إلى الشيخ من يقول له: إن الملك سيعفو عنك بشرط أن تعتذر وتقبل يده! فأجاب الشيخ بكل شجاعة وعزة واستعلاء: «يا مسكين، والله ما أرضى أن يقبل الملك يدي فضلاً عن أن أقبـّـل أنا يده» فلم تُعجب الملك إجابة الشيخ فأمر بحبسه مجدداً وحتى إشعار آخر. حدث ذات مرة أن زار وفد إفرنجي الملك، وصادف أنهم سمعوا رجلاً يقرأ القرآن، وكان هو الشيخ الذي كان محبوسـاً في مكان قريب من مجلـس الملك فسـألوه عنه.. فقال لهم الملك: إن هذا القارئ أعظم شيوخ المسلمين، وقد حبسته لإنكاره علي التعـاون معكم وعزلته من منصبه وأودعته السجن، ظناً من الملك أن عمله سيـكون موضـع ترحيب وتقدير من الوفد الإفرنجي، الذي رد أعضاؤه عليه قائلين: لو كـان هذا الرجل فينا لغسلنا قدميـه وشربنـا ماءهما!! فما أحوجنا في مثل هذه الأوقات العصيبة التي تمر على الأمة، إلى عزة واستعلاء وشجاعة ورجولة العز بن عبدالسلام؟