14 سبتمبر 2025

تسجيل

بعودة العربية إلى الجامعة يصح الصحيح

31 يناير 2012

من الطبيعي أن نبدأ مقالنا هذا بتهنئة الجامعة ومنتسبيها وأعضاء هيئة تدريسها العرب بصفة عامة، والقطريين بشكل خاص، والطلبة وأولياء أمورهم بقرار عودة العربية إلى الجامعة، وإلغاء البرنامج التأسيسي وشروط قبول الطلبة غير المشروعة في الجامعة الوطنية الوحيدة، فمبارك لكم جميعا على هذا القرار، ووفق الله متبنيه لما فيه خير الوطن وخير الأمة فإنه ولي التوفيق والقادر عليه، فبعودة العربية إلى الجامعة، تعود الجامعة إلى مكانها الطبيعي في المجتمع القطري، ومكانتها المرموقة بين أسرتها، وأهلها، وناسها، ومجتمعها.. تحتضنه ويحتضنها، وتخدمه ويخدمها، وتتصل به وتتواصل معه، وتألفه ويألفها، وتتفتح بعد ذلك قنوات الاتصال بينها وبين أبناء المجتمع من الطلبة وأولياء أمورهم، وشرائح المجتمع الأخرى، ومن ثم تتفاعل الجامعة مع المجتمع بكل أطيافه وشرائحه، ومؤسساته العلمية والخدمية والمهنية، وتعود العلاقة الحميمة بينهما بعد فرقة وغربة وغياب وتغييب طال أمده. فكان هناك تغييب للغة والثقافة والهوية في أروقة الجامعة بين منتسبيها من طلبة وأعضاء هيئة التدريس والموظفين ومن في حكمهم، في ظل تهميش اللغة العربية واعتماد اللغة الإنجليزية لغة تدريس وتخاطب ومراسلة واتصال وتواصل بين القمة والقاعدة وبين الرئيس والمرؤوس، مما أدى إلى تغريب الجامعة عن مجتمعها، بارتدائها ثوبا غير ثوبها العربي الأصيل، والتحدث بلغة غير لغتها العربية الأم، وإصباغها بصبغة غير صبغتها الوطنية، فأصبح يضرب بها المثل في التغريب والتحرر من قيود المجتمع، والتنكر له، وللغته وثقافته، وتشبيهها من قبل العامة والخاصة من الناس بالغراب في تقليده للحمامة في مشيتها دون الفلاح في ذلك. فالتحدث بغير لغة المجتمع تنكر له ولأهله وثقافته، والاتصال والتواصل بلغة الغير يعني نشر ثقافتهم وتأصيل قيمهم غير المتوافقة مع قيم المجتمع، مما يكون له أوقع الأثر على ثقافة المجتمع، وقيمه، وعاداته، وتقاليده العربية الأصيلة المستمدة في غالبيتها من الدين الإسلامي الحنيف، مما يؤدي في النهاية إلى تجريد المجتمع من ثقافته، وطمس هويته على المدى البعيد. فتغريب الجامعة عن مجتمعها بتهميش لغته أمر غريب ومستهجن وغير مقبول، ولاقى الكثير من الاستياء والتذمر والسخط وعدم الرضا بين منتسبي الجامعة من الأساتذة القطريين والعرب. وليس هذا فحسب بل لاقى أيضا الكثير من الاستغراب والتعجب من الزملاء غير العرب بما فيهم أعضاء هيئة التدريس الأمريكيين الموضوعيين المنطقيين الذين تساءلوا كثيرا عن منطق التدريس بغير لغة المجتمع. كما تساءلوا عن منطق المطالبة بشهادات اللغة الإنجليزية مثل التوفل TOEFL والآلتس IELTS، وغيرهما من الاختبارات كمطلب أساسي للقبول في الجامعة، فأسئلة كثيرة راودت منتسبي الجامعة بكل أطيافهم وأجناسهم وجنسياتهم وهوياتهم العربية وغير العربية. فإعادة العربية إلى الجامعة، وإلغاء البرنامج التأسيسي وتوابعه من متطلبات لغوية تتعلق باللغة غير العربية هو الصواب بعينه. ففي ذلك إعادة الجامعة إلى صوابها ومسارها الصحيح، وتأصيل انتمائها لمجتمعها، فأهلا بقرار إعادة العربية إلى الجامعة، واعتمادها لغة تدريس باعتبارها الجامعة الوطنية الوحيدة، وأهلا ومرحبا بقرار إلغاء البرنامج التأسيسي وتوابعه، وما شكله من معاناة نفسية للطلبة من جهة، وأعباء مادية كبيرة أثقلت كاهل الآباء من جهة أخرى حيث التكلفة العالية للتسجيل لهذه الأنواع من الاختبارات، خصوصا أن معظم الطلبة يحتاجون لتقديمه لأكثر من مرة ومرتين لبلوغ النسبة المطلوبة للقبول في الجامعة. فبهذا القرار يتنفس الناس الصعداء، ويفرحون به ويباركونه أشد مباركة. ولذلك عمت الفرحة الجامعة بأكملها، وعاش منتسبوها خصوصا أعضاء هيئة التدريس نشوة عارمة من الفرحة تبادلوا خلالها التهاني والتبريكات، بهذه العودة الحميدة، فمبارك وألف مبارك للجامعة، عودتها إلى أصلها ومجتمعها ووطنيتها، وجزى الله المسؤولين عن هذا القرار خيرا، وجعله في ميزان حسناتهم حيث أعادوا الفرحة إلى نفوس منتسبي الجامعة التي غابت عنهم طوال سنوات الغربة بين أروقة الجامعة. فإعادة العربية إلى الجامعة يتبعه تعديل مسار الدراسة التي تسبق الجامعة أو ما يطلق عليه التعليم ما قبل الجامعية (التعليم العام)، ولتكتمل المعادلة، وتتساوى أطرافها، ويستثمر وقت الطالب، ويوفر جهده، وتخفيف معاناته الدراسية، نتوجه برجائنا من خلال هذه المقالة إلى المسؤولين في المجلس الأعلى للتعليم أن يتخذوا من هذا القرار قاعدة ينطلقون منها لتعريب لغة التدريس بمدارس التعليم العام بالدولة (المدارس المستقلة)، باعتباره حجرا يضربون به أكثر من عصفور، فبه يستقطبون المعلمين القطريين لمجال التدريس من ناحية، ويشجعون المعلمين الحاليين على البقاء في المهنة وعدم النزوح عنها لأي سبب من الأسباب من ناحية أخرى، فالبيئة التعليمية في ظل هذا القرار تكون جاذبة ومشجعة ومريحة في آن واحد، وليست طاردة على الإطلاق، خصوصا في ظل ما مر به الميدان التعليمي، من إصلاح وتعديل أوضاع المعلمين المادية بشكل خاص، فالأجواء مواتية وقابلة للتفعيل والانتعاش. فهيا يا هيئة التعليم ويا من يعمل فيها ومن يقوم عليها انطلقوا إلى حيث المسار الصحيح، والرأي السديد حيث لا يصح في النهاية إلا الصحيح، وهذا هو الصحيح. والله من وراء القصد.