12 سبتمبر 2025
تسجيلدموعنا لا تجف مما نرى، قلوبنا تتفطر حزناً والدم العزيز يراق، خلاص نفد الصبر، وبدأ الطوفان الهادر الكاسح الذي أبعد تهمة الخنوع عن شعب مصر العظيم، عن أولاد وأحفاد أبطال "بارليف" خلاص ضاقت الصدور بوجعها المخزون عقوداً يئن في الحنايا، وما من مواسٍ، نفد الصبر، وامتلك الشعب العظيم زمام المبادءة فشنق الخوف وعلقه في الهواء يتأرجح، وخرج يطالب بحقه في حياة كريمة وتنفس الحرية بعد عقود من قهر حكومة سطت على البلد وكان كل ما يهمها أن تجبى من جيوب الشعب الموجوع ما تبتلعه حتى التخمة دون نظرة للغلاء الطاحن الذي افترس الناس فأنزل معظمهم إلى تحت خط الفقر، وأنزلهم أيضا إلى الشارع بعد أن نفد الصبر، وتفشى الفساد، وامتلأت "الكروش" كروش الكبار بأرصدة هُرِّبت كلها خارج مصر! خلاص نفد الصبر، وارتفع سقف شجاعة شعب فاض به الكيل، وظنت حكومته أنه أصبح شعباً مستأنساً من طول تدجينه وخنقه بالقهر، ولسعه بالكرباج، ظنوا أنه شعب يعوي ولا يعض،فتأكدوا اليوم أنه يعوي، ويعض، بل ويفترس، خلاص تعب الناس، وامتلأت الكأس إلى حافتها بالغم والهم، وعجزت الصدور عن احتمال اكتواءاتها من الفقر، والمرض، والعوز، والبطالة، والفساد، والإفساد، خلاص عز على شعب مصر العظيم سحق كرامته فخرج المارد المضغوط عقوداً، المحبوس دهراً بقمقم القهر ليجلجل صوته أريد حرية، وكرامة، وخبزاً. خلاص نفد الصبر، وبدأ الطوفان الذي سيزيح من طريقه كل شيء، لن تنفع سدود، ولا استحكامات، ولا متاريس، ولا دبابات، ولا جيوش، ولا حتى الرصاص الذي تلقاه الشباب بصدور عارية دون وجل أو خوف. وإن كان جميلاً أن تخرج واحدة من أروع الثورات الشعبية فإن جريمة بشعة تقترف بحق الشباب الثائر الرائع بتلويثه ووصفه بأنه مجموعة من البلطجية، واللصوص، والمخربين، والخارجين على القانون الذين سرقوا الناس، ونهبوا المتاجر، واقتحموا الشقق، بينما البلطجية هم الذين أطلقت السلطات سراحهم من السجون ليقترفوا كل الجرائم بغية ترويع الناس والمتظاهرين ليعودوا قسراً بهذه الحيلة إلى البيوت ليحرسوا أموالهم، وأولادهم، وشرفهم ويفضوا الاعتصام، وتخلو الشوارع بذلك من أي مظاهر تشي بمطالبة شعب مصر إسقاط النظام، وتمنع تمدد المظاهرات، وانتشارها. خطة فاسدة مكشوفة لم تنطل على أحد، فالقلوب التي تغلي في الشوارع من الغضب لن تهدأ إلا بالتغيير ورحيل رأس الدولة. ورغم الرصاص الذي يقطف شباباً يسقطون راضين فداء مصر الغالية فإن الصورة بكل ما تحمل من صبر، وتضحية، وإصرار، وإيثار، وحب، تشي بأن الشباب قادمون، قادمون بقوة رغم كل صنوف القهر، والتعذيب، وبكل ما يحملون من أحلام، وأماني سيصعب جداً بعد ذلك إجهاضها لأنها إرادة الشعب الذي إذا قال فعل. * طبقات فوق الهمس: يا جمال قول لأبوك المقتول في الشارع أخوك!