14 سبتمبر 2025
تسجيلجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، وسعيد بن جبير وآخرين في تفسيرهم لقوله تعالى (فأرسلنا عليهم الطوفان) أنه لما آمنت السحرة، ورجع فرعون مغلوباً، أبى هو وقومه إلا الإقامة على الكفر والتمادي في الشر، فتابع الله عليهم الآيات وأخذهم بالسنين ونقص من الثمرات، فلما عالج منهم بالآيات الأربع: العصا، اليد، السنين ونقص الثمار، إلا أنهم أبوا أن يؤمنوا. فدعا عليهم قائلاً:» يا رب، إن عبدك فرعون، علا في الأرض وبغى وعتا، وإن قومه قد نقضوا عهدك. رب فخذهم بعقوبة تجعلها لهم نقمة، ولقومي عظة ولمن بعدهم آية وعبرة، فبعث الله عليهم الطوفان، وهو الماء. أرسل الله عليهم الماء وبيوت بني إسرائيل وبيوت القبط مشتبكة مختلطة، فامتلأت بيوت القبط حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم، ومن جلس منهم غرق، ولم يدخل بيوت بني إسرائيل من الماء قطرة، وركد الماء على أرضهم لا يقدرون أن يحرثوا، ودام ذلك عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت. رغم كل الآيات التسع التي جاء بها موسى عليه السلام إلى فرعون وقومه، إلا أنهم استمروا على ضلالتهم وعنادهم وغيهم، حتى أغرقهم الله في اليم، وأراح الله العباد والبلاد منهم. وانتهى الفراعنة وخرجوا من التاريخ بتلك الطريقة المخزية. حدث كل ذلك ونبي الله موسى مع قومه بني إسرائيل. فكانت نهاية الفراعنة درساً لهم وعظة. لكن هل اتعظت قلوبهم من بعد كل تلك الآيات، وآخرها هلاك الفرعون أمام أعينهم؟ لا، لم يحدث ذلك الاتعاظ الذي كان يرجوه موسى وهارون عليهما السلام. ومنذ ذلك التاريخ وإلى يوم الناس هذا، بل إلى ما شاء الله أن يكون، وبنو إسرائيل على ما هم عليه من تخبط ومن محنة إلى أخرى. طوفان الأقصى موسى دعا على عدوهم المشترك بالطوفان، فاستجاب الله له. لكن هذه المرة، وأكاد أجزم بأن هناك من دعا الله بطوفان كطوفان آل فرعون، يقض مضاجع الصهاينة ومن والاهم وسايرهم، ولا شك عندي أن الله استجاب لدعاء من دعا، وبالتالي يبدو لي أن معاناة الصهاينة التي بدأت منذ أكثر من شهر وستستمر بإذن الله بسبب هذا الطوفان، أكثر وأعمق مما عانى منه آل فرعون في ذلك الزمان. طوفان الأقصى مثلما أنه أدخل آل صهيون في معاناة وآلام لن تنتهي قريباً، أزاح في الوقت نفسه الكثير عن قوم مجرمين، الذين نزلوا بساحة شعب مسالم على حين غفلة من أهلها، بدعم بريطاني ماكر خبيث، ثم يرث هذا الدور من بعد ذلك، الأمريكان. بعد أكثر من أربعين يوماً من عدوان صهيوني همجي غاشم، بدعم أمريكي ألماني بريطاني فرنسي وهندي، تكشفت أمور واتضحت للعالم الكثير من الحقائق الخفية، وأزال عن عين العالم غشاوة سميكة كي يرى حقيقة وواقع حفنة من عصابات صهيونية مجرمة، تم جلبها واستزراعها في فلسطين لأغراض استعمارية بحتة، لا علاقة للدين بها البتة. طوفان المعلومات طوفان الأقصى صاحبه طوفان من الحقائق والمعلومات التي انتشرت حول العالم بفضل الله ثم وسائل التواصل المتنوعة، والتي على إثرها بدأ الملايين بمراجعة ملف هذه القضية والبحث عنها، من بعد أن تراجعت ضمن قائمة اهتمامات وسائل الإعلام إلى درجة متأخرة، رغم وضوح الفرق بين الحق والباطل. لكن هكذا الإعلام الباحث عن الإثارة والسخونة والجدة. لكن ملايين البشر هذه المرة لم تعتمد على وسائل الإعلام التقليدية المسيسة والمنحازة، التي اعتقدت أنها لا زالت في حقبة الثمانينيات أو تسعينيات القرن الماضي، لترسل ما تشاء من رسائل إعلامية من طرف واحد، ليستقبلها جمهور اعتاد أن يتقبل تلك الرسائل دون كثير تمحيص وتدقيق وتحقق. تغير الوضع العالمي، وتغير الجمهور المستقبل الذي نشأ وتربى على التفاعل مع ما يصله من رسائل إعلامية. وكان من نتائج هذا التغير الحاصل على ثقافة الجمهور المستقبل، أن انكشفت معظم وسائل الإعلام الغربية أمام جماهيرها، وتبين مدى وضاعتها وحقارتها بانحيازها للرواية الصهيونية بشكل فاجر ومقزز، بل والعمل بشكل متعمد على تضليل الجماهير قدر المستطاع، فإذا بهذا الجمهور، صاحب التقنيات والوسائل المتنوعة للحصول على المعلومة، يتفاجأ بالكم الهائل من المغالطات التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية تحديداً وبعض تابعيها في الهند، ليبدأ هذا الجمهور بنفسه بتصحيح المغالطات ونشر الحقائق على أوسع نطاق، حتى غرقت الصهيونية وداعميها بطوفان من الحقائق والمعلومات، التي صار يوفرها جمهور شاب لم يعتد على التلقي والتلقين، حتى اضطرت دول ومؤسسات أمام هذا الجمهور، إلى تعديل وترقيع ما يمكن ترقيعه. انكشاف الدعايات الصهيونية طوفان آخر من مستخدمي وسائل التواصل أغرق كل الدعايات الصهيونية والغربية المضللة بمعلومات حقيقية، والتي على إثر ذلكم الطوفان المعلوماتي، خرجت الملايين إلى الشوارع، بل ما زالت إلى يوم الناس هذا، تطالب بوقف العدوان وكشف الحقائق، وخاصة جماهير دول غربية، طالما صدّعت حكوماتها، رؤوس العالمين بقيم الأمانة والشفافية والحريات وحقوق الإنسان، وهم بعد طوفان الأقصى، أبعد ما يكونون عن تلك القيم والمبادئ ! هذه الصحوة العالمية وهذا الزخم الجماهيري العالمي المتعطش لمزيد حقائق عن قصة الظلم الصهيو صليي على فلسطين، مطلوب استثماره من كل الأطراف الصادقة ذات الصلة بقضية الأقصى، وعلى الشكل الذي يدفع نحو مزيد من التعاطف المؤدي لأفعال ومنجزات متجسدة على أرض الواقع، للمساهمة في دحر الظلم الصهيوني ومن يؤيده، والمسارعة في مشروع إنهاء الاحتلال البغيض بعد توفيق الله ورعايته. إنها دعوة لكل من يحمل هم هذه القضية أن يشارك بالصوت والصورة والكلمة، وبكل الوسائل المتاحة والممكنة، ذلك أننا نعيش مرحلة تغيير تاريخية، تدعو كل صاحب ضمير وإيمان أن يضع بصمته ضمن هذا التغيير، من بعد التوكل على الله عز وجل، فهو نعم المولى ونعم النصير، وهو دوماً وأبداً، حسبنا ونعم الوكيل.