17 سبتمبر 2025
تسجيليرجح محللون أن النفط هو السبب الرئيسي لأحداث المنطقة التاريخية والتغيرات السياسية المستمرة فيها. فما بعد العام 1973م واستخدام العرب للنفط كورقة سياسية في الحرب ضد المحتل الإسرائيلي، وقبلها قرار رئيس وزراء الشاه "محمد مصدق 1951م" لتأميم النفط الإيراني والذي استنسخ لتأميم جمال عبد الناصر لقناة السويس 1956م وكان السبب في العدوان الثلاثي على مصر، ومذاك والنفط هو الوجه الآخر والرئيسي للعبة السياسية في العالم وصولاً لاجتماعات الأوبك يوم الخميس الماضي في فيينا، حيث هوت أسعار سلة نفوط برنت إلى مستويات متدنية بعد حجم الأسعار القياسية التي وصل لها في الأسواق العالمية خلال السنوات الماضية، فيرى المحللون أن التأثير السياسي لا يزال هو المحرك لسوق النفط العالمية بعد استقراء اقتصادات دول اليورو واستخدام النفط كورقة ضغط مزدوجة كعقوبة أولاً للاقتصاد الروسي بسبب موقف روسيا من الأزمة الأوكرانية ثم للضغط على إيران لقبول التنازلات حول برنامجها النووي. كما أن هناك جملة مسببات تستخدم للتأثير على السوق النفطية، كالتلويح بالنفط الصخري الأمريكي والذي يصار إلى التأثير به تخويفا في بعض المواقف رغم أن الدراسات العلمية تحجم ذلك التأثير، إلا أن استخدام المكينة الإعلامية العالمية وتطويعها للتلويح بهذا التأثير تؤتي أكلها أحياناً. عموماً نحن في الدول المصدرة والتي تعتمد على النفط في مداخيلها الأساسية نتأثر في كلا الحالتين، صعوداً ونزولاً، وربما تنساق بعض دولنا قسراً للمشاركة في اللعبة السياسية العالمية واتخاذ مواقف محايدة لإتاحة الأجواء لمرور المجريات السياسية كما تشتهي لها القوى العالمية وربما هذا هو الدافع نحو إبقاء سقف الإنتاج لدول الأوبك في نفس مستوياته حسب اجتماعات الخميس الماضي. أعود إلى جوانب التأثير التي يمكن استقراؤها من سوق النفط صعوداً ونزولاً، فالارتفاعات الجالبة لموارد مالية يُحمد جانبها الإيجابي فقط في تمتين الموارد العالية وتوسيع الإنفاق وهو ما يضع دولنا في حالة مستعجلة لتبديد الثروة طالما غاب الرشد الاقتصادي والإمكانات المستوعبة لهذه الموارد، فتجد حالة من الإنفاق الاستهلاكي المكثف دون التركيز على الاستثمارات ذات القيمة المضافة، هذا خلاف حالات التضخم وانفلات الأسعار في جوانب اقتصادية وسلع متنوعة، كذلك هناك برمجة خفية لاستنزاف الدول ضخمة الموارد وزجها في مغامرات اقتصادية وسياسية وربما حروب غير محسوبة أو حتى تخويفها للتوجه نحو الإنفاق للتسلح. ناهيك عن حالة الاستنزاف للموارد في مشاريع غير مبررة أو حتى الهدر في مشاريع غير ذات جودة، فهذه الرؤية عند البعض ترى أيضاً أن الانطلاقة السعرية للنفط تحتاج لكبح جماح صعودها المستمر لما تسببه من آثار سلبية على اقتصادات الدول المنتجة. فالفترة المئوية "أسعار ما فوق المائة دولار للبرميل" أو الذهبية، كما يسميها البعض، لسعر النفط يفترض أن نخرج منها بمسلمات وخبرات تزيد من وعي اقتصاداتنا في حال توسع الموارد وأن يكون هناك رشد في التعامل مع هذا الحجم من الموارد ببناء اقتصادات أقوى لا تعتمد على النفط سوى أن ذلك ظل شعاراً فقط دون ممارسة أو تأثير على مجريات الاقتصاد رغم ما مر بالمنطقة وبسوق النفط من أزمات متكررة. فيبدو أن التاريخ لم يعلمنا إجادة لعبة النفط جيداً وكما ينبغي أن تكون هذه السلعة رافداً لسياساتنا ومستقبل اقتصاداتنا ورفاهية أجيالنا.