21 سبتمبر 2025
تسجيلتعد شركات رأس المال المخاطر بمثابة طبيب الشركات، حيث تقوم بعلاج مشاكل الشركات المتعثرة، سواء كانت تلك المشاكل فنية أو تمويلية أو تسويقية أو عمالية أو غير ذلك لتعيد تلك الشركات المتعثرة أو الخاسرة إلى الدوران وتحقيق الربحية مرة أخرى. وتقوم شركات رأس المال المخاطر بشراء أسهم الشركات الخاسرة والمتعثرة، والتي عادة ما تكون منخفضة السعر، ثم تقوم بإصلاح أحوال تلك الشركات المتعثرة، وبعد أن تتحسن أحوال تلك الشركات تقوم ببيع أسهمها مرة أخرى، للاستفادة من فارق السعر بين الأسهم، كأرباح عما قامت به من إصلاح لأحوال تلك الشركات، لتكرر عملها مع شركات أخرى متعثرة. وهكذا تساهم شركات رأس المال المخاطر في تقليل الطاقات الإنتاجية العاطلة، وتساهم في الاحتفاظ بالعمالة، وربما التوسع في استخدام العمالة بعد إصلاح أحوال تلك الشركات، كما تساهم في سداد تلك الشركات لما عليها من ديون للبنوك، وتحقق نفعا للاقتصاد القومي نتيجة زيادة إنتاج السلع والخدمات. كذلك تقوم شركات رأس المال المخاطر كما يبدو من اسمها بتحمل مخاطر عالية، ومن هنا تقوم بتمويل الاختراعات حتى تتحول إلى سلع بالأسواق، وهكذا تتحمل المخاطر العالية في حالة فشل تلك الاختراعات، وتقدم بديلا تمويليا عن البنوك التجارية التي تحجم عن تمويل الاختراعات والمشروعات ذات المخاطر العالية. وحتى لا يصبح مجال عمل تلك الشركات هو علاج الشركات الكبيرة المتعثرة وتمويل الاختراعات الجديدة، فقد نشأ بالدول الغربية ما يسمى بملائكة الأعمال، وهو ما يعني قيام أصحاب الخبرات ممن هم بسن التقاعد بحل مشاكل الصناعات الصغيرة التي تقع في مجال تخصصهم، بما لديهم من خبرات وسيولة واتصالات. حيث يقوم كبار مهندسي الغزل والنسيج من أصحاب المعاشات بعلاج المشروعات الصغيرة المتعثرة في مجال الغزل والنسيج، سواء من النواحي الفنية أو التسويقية أو حتى المساهمة في تدبير التمويل المطلوب من جهات أقل تكلفة، حتى تتحسن أحوال تلك المشروعات الصغيرة بما يحافظ على العمالة بها وما تقدمه للمجتمع الاقتصادي من منتجات. وهكذا في المجالات المختلفة حيث يقوم قدامى المهندسين بعلاج مشاكل شركات المقاولات الصغيرة ونحو ذلك من التخصصات المختلفة الذين يسهمون في علاج المشروعات الصغيرة التي تقع في مجال تخصصهم، خاصة في القرى والأقاليم. وحسب بيانات هيئة الرقابة المالية المصرية فقد حصلت 18 شركة على تراخيص بممارسة نشاط رأس المال المخاطر بالسوق المصرية منذ سنوات. إلا أن غالبيتها تقوم بأنشطة مالية أخرى في نفس الوقت أبرزها تكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية مما جعل ممارستها لنشاط رأس المال المخاطر مازال محدودا. وهكذا لم تستفد السوق المصرية بعد من وجود تلك الشركات بالقدر المطلوب، رغم كثرة عدد الشركات المتعثرة العامة والخاصة، والكبيرة والصغيرة، حيث أدت أحوال البيئة الاقتصادية فيما بعد الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير الماضي، إلى صعوبة حصول الكثير من الشركات على التمويل اللازم للحصول على الخامات، خاصة في ظل خفض التصنيف الائتماني لمصر واشتراط الموردين الأجانب الدفع المسبق لقيمة الخامات المستوردة. كذلك امتناع البنوك المصرية عن تقديم التمويل للشركات في ضوء ارتفاع مخاطر عدم السداد، في ضوء انخفاض الحركة التجارية وضعف معدلات المبيعات للمنتجات، مما يزيد من حجم المخزون الراكد، وبالتالي الاضطرار إلى الاستغناء عن جانب من العمالة أو خفض الأجور. بل إن الأمر قد وصل إلى حد عدم استطاعة دفع تكاليف المرافق خاصة الكهرباء، وكذلك عدم استطاعة دفع المستحقات التأمينية. كما أن معرفة المجتمع الاقتصادي المصري بوجود تلك الشركات وبطبيعة عملها مازال ضئيلا، مما قلل من الطلب على نشاطها رغم الاحتياج إليه. كما يفتقد الإعلام الاقتصادي المصري إلى المعرفة بتلك الشركات أو حتى معرفة عناوينها. مما يحرم المجتمع الاقتصادي من الاستفادة بالطاقات العاطلة الضخمة، ويحرم البنوك من سداد كثير مما منحته من قروض، الأمر الذي يدفعها إلى بيع كثير من تلك المشروعات للحصول على مستحقاتها، وهو ما يؤدي لتصفية عدد من تلك الشركات، وحرمان المجتمع مما كانت تنتجه من سلع وخدمات، واستفادة المشترين لها من أصولها وأماكن تواجدها للبدء بتلك الأماكن في أنشطة جديدة في بعض الأحيان، أو في الاستفادة من أراضيها لبيعها بأسعار أعلى بعد فترة.