11 سبتمبر 2025

تسجيل

أزمة الديون الأوروبية كرة ثلج متدحرجة

30 نوفمبر 2011

ما إن انفجرت أزمة الديون السيادية في اليونان حتى لحقت بها إيطاليا والتخوفات مرجحة لأن تلحق العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا وألمانيا وغيرهما بهما إن لم تحل بشكل جذري أزمتي اليونان وإيطاليا وبشكل سريع هذا برغم تشكيك العديد من خبراء المال والاقتصاد بانتهاء تلك الأزمتين في المدى القريب. فعلى سبيل المثال تبلغ الديون السيادية على اليونان 240 مليار يورو أي حوالي 160% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لليونان وكذلك تبلغ الديون السيادية على إيطاليا 1.9 تريليون يورو ما نسبته 121% من مجموع ناتجها المحلي الإجمالي مما شكل ضغطا هائلا على رئيسي وزراء اليونان وإيطاليا لتقديم استقالاتهما. ونظرا لترابط اقتصاديات العالم وبشكل خاص الأوروبية منها فإن ديون تلك الدول هي مأخوذة من بنوك أوروبية في دول أخرى على رأسها ألمانيا وفرنسا وهذا يعني أن تعثر تسديد تلك الديون سيخلق مشكلة مالية واقتصادية أيضاً لفرنسا وألمانيا وغيرهما ولهذا نجد ذلك التسارع في عقد الاجتماعات من أجل إيجاد حلول لأزمتي اليونان وإيطاليا قبل أن تتفاقم وتصل حتى عقر فرنسا وألمانيا وغيرهما من دول العالم نظرا لتشابك اقتصاديات العالم. ومن هنا سارع مسؤولو الدول الأوروبية لتعزيز أصول الصندوق المالي الأوروبي وذلك من أجل العمل لحلحلة أزمة ديون الدول التي تعاني أو لتقديم الدعم المسبق للدول التي قد تكون مرشحة لأزمة ديون جديدة فهذا الصندوق هو من أجل العمل على شراء سندات سيادية للدول التي تعاني من أزمات مديونية وكذلك لتوفير التمويل اللازم للدول التي تسعى لإعادة رسملة بنوكها المتضررة وتأتي مساهمة الدول الأوروبية في هذا الصندوق من أجل درء المخاطر عن اقتصادياتها وتحوطا لئلا تلحق باليونان وإيطاليا. إن أزمة الديون السيادية تشكل خطرا حقيقيا على اقتصاديات الدول التي تعاني منها وفي ذات الوقت قد تشكل خطرا على اقتصاديات العالم هذا بالإضافة إلى تأثيرها المباشر على الدول التي وقعت فريسة الديون وذلك لأن تلك الدول ستعاني ليس فقط من عدم قدرة اقتصادياتها على دفع الأقساط الواجبة عليها وإنما أيضاً من تراكم الفوائد وتضخمها سنة بعد أخرى مما يشكل عبئا ضخما على موازنات تلك الدول ومما يجعل من الصعوبة بمكان إعادة الاقتراض بأسعار فائدة منخفضة وبالتالي فالمشكلة تبدأ بحجم معين ولكنها تأخذ بالكبر والتدحرج لأن تصبح ككره ثلج يصعب تقدير حجمها النهائي. إن محاولات الدول لإعادة جدولة ديونها ستجعلها رهينة لسياسات تقشفية تفرضها الجهات الدائنة مما سيفرض المزيد من الأعباء وسياسات التقشف للعديد من السنوات مما سيعمق من مشاكلها المالية والاقتصادية والاجتماعية والتي ستطال كل الناس ووقف أي استثمارات جديدة ودخول الاقتصاد في حالة من الركود إن لم يكن أكثر من ذلك مثل زيادة معدلات البطالة والفقر والجوع الخ، وخير مثال ما رأيناه في اليونان من اشتداد الإضرابات والاعتصامات ضد سياسات التقشف التي أعلنتها اليونان. إن سياسات الاستدانة والاقتراض غير المدروس وغير المراقب والتركيز على سياسات الاستهلاك أوصلت تلك الدول إلى ما وصلت إليه من أزمات خانقة والتي يمكن لها أن تطال دولا أخرى بل مجمل الاقتصاد العالمي وهذا ما بات يحذر منه الكثير من المختصين في الاقتصاد والمال.