16 سبتمبر 2025

تسجيل

الغنيمة السياسية

30 أكتوبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ليست الولايات العامة أو المناصب العليا والإدارية في النظام السياسي الإسلامي مجالا للوجاهة أو النفع الخاص، أو النظر إليها على أنها غنيمة باردة، يختطفها المسلم متى سنحت له الظروف والأحوال، وإنما هي في النظر الإسلامي تكليف وأمانة، يجب أن يترشح لها القوي الأمين كما قال تعالى على لسان ابنة شعيب عليه السلام: "إن خير من استأجرت القوي الأمين" (القصص: 26). كما يجب أن تؤدى الأمانات بحقها، وإلا عرض المسلم نفسه للخزي والندامة يوم القيامة إن لم يكن أهلا لها، أو كان أهلا ولم يعدل فيها.كما جاء في صحيح مسلم عن أبي ذر، قال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: "يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها".أما من كان أهلا للولاية وعدل فيها فله فضل عظيم تظاهرت به الأحاديث الصحيحة؛ كحديث سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، منهم: إمام عادل، وحديث مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا".فالأهلية والقدرة على القيام بمهام المنصب أو الوظيفة هما المعيار الصحيح لتولي المناصب في النظام السياسي الإسلامي. والحرية السياسية تعني عند المعاصرين أمرين هما: ــ حق كل إنسان في ولاية الوظائف الإدارية "صغراها وكبراها" ما دام بكفايته أهلًا لتوليها. ــ حق كل إنسان أن يبدي رأيه في سير الأمور العامة، وتخطئتها أو تصويبها وفق ما يعتقد. ولكن هذه الحريات السياسية بشقيها السابقين - كما يقول الشيخ محمد الغزالي - تقوم على أن المناصب المختلفة وسائل لخدمة المجتمع، وأن من يشغلها موضع الرقابة الدقيقة من جمهور الأمة. لكن البعض ينظر إلى حقه في حرية الترشح للمناصب العامة، دون أن ينظر إلى قدراته ومؤهلاته على القيام بواجب هذا الحق، أو ينظر في نيته، هل هي لله، ثم لخدمة المجتمع؟أم أنها نزوة شيطانية، وبحث عن مجد شخصيى، ومنصب يتوارى خلفه ليرفع خسيسته؟ فما من حق في الإسلام إلا ويقابله واجب.وبعض من يتصدرون للشأن العام يستغلون مفهوم الحرية السياسية التي أقرها الإسلام بشرائطها، ليجعلوا من دلالتها الحسنة - وفق أهوائهم - غنيمة سياسية، فيترشحون للشأن العام، والطمع الشخصي نصب أعينهم، والنهب للمال العام هدف واضح لذواتهم، والنجومية وصناعة مجد شخصي غاية ومقصد لهم. أما تأييد الفساد، ونصرة الظالمين، وتكريس الاستبداد، وتضييع حقوق الشعوب، فهذه كلها مفردات برنامجه الانتخابي غير المعلنة، وشروط لترشيحه غير مكتوبة، يعطي عليها المرشح العهود والمواثيق قبل أن يخرج اسمه إلى العلن، ويمنح تأشيرة الفائز الفاشل.ومن ثم فلا عجب من أن تتصدر النفايات وتتوارى الكفايات، ولا غرابة من أن يرتفع العظاميون، وينخفض العصاميون، ولا تسأل بعد ذلك لماذا آلت حال أمتنا إلى ما نحن فيه؟!