12 سبتمبر 2025

تسجيل

بين صفحات كتاب "المثقفون المزيفون"

30 أكتوبر 2014

عندما يصبح الزيف رمزاً يفرضه الإعلام على المجتمعات هنا يأتي دور المثقفين الشرفاء لفضح هذا الزيف وتعريته أمام الناس وهذا ما فعله الكاتب بونيفاس في كتابه الشهير المثقفون المزيفون فحين صدر هذا الكتاب في لغته الأصلية بالفرنسية بيعت منه في الأسابيع الأولى لصدوره 200 ألف نسخة، فموضوعه الساخن يضمن مثل هذا الاهتمام الجماهيري بالتأكيد، كما أن كاتبه «باسكال بونيفاس» مفكر وأكاديمي فرنسي بارز، شغل منصب رئيس معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، وأحد أبرز المحللين الاستراتيجيين الفرنسيين، والأهم أنه قرر عبر صفحات الكتاب أن يفضح من يعتبرهم «المثقفين المزيفين»، الذين يتوسلون الثقافة، ويعتلون المنابر الإعلامية المختلفة لكي يمارسوا الكذب، على حد وصفه، على الجمهور. كتاب «المثقفون المزيفون» بالإضافة إلى مناقشة تفاصيل ما يسميه المؤلف محاولات التضليل الإعلامي لجمهور عريض، يتناول بالاسم ثماني شخصيات بارزة من المحسوبين على الوسط الثقافي والإعلامي بفرنسا، ويفضح بالتفصيل كل ما مارسوه على حد قوله من تضليل إعلامي في فرنسا. (يذهلني كل أولئك المثقفين والخبراء الذين لا يتورعون عن اللجوء الى حجج مخادعة، وعن إطلاق الأكاذيب، من أجل حصد التأييد. تبدو وقاحتهم وانعدام ذمتهم بلا حد، وتشكل ورقة رابحة، وبدلا من مقابلتهم بالاستهجان العام يقابلون بمزيد من التهليل،)، هكذا يستهل باسكال بونيفاس كتابه قبل أن يشير إلى نوعين من المثقفين ممن يقصد ويسمي الفريق الأول منهم المثقفين المزيفين الذين لكي يتمكنوا من إقناع المشاهدين أو المستمعين أو القراء يلجأون إلى حجج هم أنفسهم لا يصدقونها. قد يؤمنون بقضية لكنهم يعمدون إلى وسائل غير شريفة للدفاع عنها. أما الفريق الثاني ويعتبرهم بونيفاس أسوأ من الفريق الأول فهم المثقفون المرتزقة الذين، على حد وصفه، لا يؤمنون بشيء سوى أنفسهم، ويتظاهرون بالانتساب إلى قضايا، ليس لقناعتهم بصحتها، بل لأنها في تقديرهم واعدة ولها مردود مهم وتسير في اتجاه الرياح السائدة. ويرى المؤلف أن كلا الفريقين يدرك مخالفته للأمانة الفكرية لكنه لا يعبأ بها لأن الغاية تبرر الوسيلة ولأنهم يرون أن الجمهور العريض ليس ناضجا بما يكفي، وبالتالي يمكن توجيهه ولو بوسائل لا تنطبق عليها معايير الأمانة. كما يرى أن أعضاء الفريقين، المزيفين والمرتزقة لا تتعرض وسائلهم للعقاب، مع ذلك يؤكد المؤلف أن الجمهور في النهاية يفهم حقيقة الأمور، ولو خدع جانب منه في البداية فإنه يفهم الحقائق في النهاية.