17 سبتمبر 2025

تسجيل

منهجية الدبلوماسية القطرية.. الهدف والنتائج

30 أكتوبر 2011

تفرض دينامكية الدبلوماسية القطرية المعاصرة نمطية متميزة في أدائها وتعاطيها الإقليمي والمحوري مع الأحداث وهو ما لا يتطلب من المتابع المزيد من دواعي التدقيق والتمحيص سوى العمق والحيادية في الاستقراء وصولاً لمستوى متقدم من الفهم لمجريات الأحداث الآنية والمحيطة وماهية الدور القطري فيها والذي لا يعد بأي حال سوى أنه إنساني جوهري متخصص تجيده قطر دون سواها تبعاً للنهج القطري الذي التزمت به الدولة هنا تجاه أمتها وعموم العالم منذ تولي سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد الحكم , حيث رسم سموه ملامح جلية للنهج القطري تتسم بالشفافية والوضوح والعمل المخلص والذي سجل حضوراً فاعلاً في العديد من الأزمات والمواقف وحقق نجاحات متميزة في الأداء والأهداف ضمن الأطر الدولية وطموحاتها ولعل في خلاص الشعب الليبي العربي العريق بتاريخه وتضحياته من محنة الحكم المستبد الذي همش بلادهم عقودا طويلة وأدخلها في محن وأزمات عالمية متلاحقة هدرت كرامة الشعب وبددت ثرواته واغتصبت إرادته ففي نجاح الثورة الليبية وسقوط القذافي على أيدي الثوار شهادة نجاح لدبلوماسية قطر وحنكة ساستها في إدارة الأزمة والوقوف العلني مع رغبات الشعب الليبي الذي تراصت صفوفه وصمد للمواجهة بحزم فأنجبت ثورته عهداً جديداً يحمل مشروعاً حضارياً للأشقاء هناك بعيداً عن استحواذ الحكم وجبروته ونهب مقدرات الشعب وتبديد ثرواته لتواجه ليبيا مرحلة عصرية يتنسم فيها الشعب حريته ويمارس دوره الإنساني , وحيث تبنت دولة قطر مهمة العمل والمشاركة الفاعلة في صناعة القرار الدولي حول ليبيا إيمانا بمشروعية الهدف ولتحقيق الحرية والكرامة للأشقاء وحقن دماءهم وفقاً للقرارات الدولية والمشاركة أيضاً في جهود ذلك التبدل التاريخي الذي لم يكن مهمة سهلة سوى إن العمل المتقن والإرادة السامية والعلاقات الدولية المبنية على الصراحة والوضوح التي أتسمت بها الجهود القطرية مبكراً ودون تردد جيشت الجيوش ونسقت جهود التحالف الدولي لتحقق المهمة القطرية الهدف ولتظل قطر محورا إستراتيجيا يستهدف خيرية الأمة والخلاص من رموز الظلم والاستبداد التي تسقي شعوبها الويلات والمذلة , وفي حديث رئيس المجلس الانتقالي الليبي السيد مصطفى عبدالجليل في مؤتمر الأصدقاء من أجل ليبيا والذي قال فيه " إن دولة قطر التي سخرها الله لم يكن لها مطمح لمساعدتنا سوى ابتغاء وجه الله ومناصرة الشعب الليبي وكانت - حقيقة - خير معين لنا وشريكاً أساسياً وأولياً وفاعلاً لنا إذ أدارت المعركة من خلال اختيار نقاط القوة التي من شأنها الإطاحة بالقذافي خاصة وأنه لم يكن لدينا جيش منظم وكان القطريون يديرون المعركة على نحو استراتيجي " فهذا الوضوح في الإشادة والحديث عن دور قطر من رئيس المجلس الذي اعترف به العالم مبكراً كممثل للشعب الليبي لم يكن من أحاديث المجاملة التي يتداولها المؤتمرون حول طاولات النقاش بل كان شهادة للتاريخ لفعل استحق التقدير وجهد تحمل المهمة وتابعها بحكمة واقتدار دون بهرجة أو منة , وربما لذلك أوكلت جامعة الدول العربية لدولة قطر مهمة رئاسة اللجنة الوزارية العربية بشأن الأوضاع في سوريا ثقة في الدور القطري وقدرته على رسم خطوط الصراحة والوضوح أمام القيادة السورية للخروج من تلك الأزمة بما يحقق الفائدة لكل الأطراف وعلى نحو يقلل أولاً من خسائر الأرواح والإصابات ويحقق للشعب السوري مطالبه كما إن الدور القطري في المهمة نحو سوريا لم يكن جديداً فقد مارست قطر دور المصالحة وتحقيق الوفاق في أكثر من موقع عربي كما في لبنان للخروج من أزمته الرئاسية وكذلك في السودان , فـ قطر ترتكز في دبلوماسيتها على نهج الصراحة والوضوح مع كل الأطراف وهو بالمناسبة نمط لا يأخذ به الغالب من الساسة والمحاورين وربما يستغربونه أو يتعاملون معه بغير ذي فهم مما يوقفهم في منتصف الطريق مكتفين ربما بالنتائج الإعلامية أو ربما هناك هدف لتعليق القضايا واستثمار تمديدها إلا إن قطر رغم محدودية حجم الدولة كما أشار سمو الأمير ذات مرة في خطابه في جلسة تنصيب الرئيس اللبناني ميشيل سليمان إلا أنها تملك نفساً طويلاً وواثقا لمواجهة المهمات وروحاً تواقة إلى الإنجاز وتحقيق الأهداف السامية والمعلنة وهذا بالمناسبة قد يكون عسيراً على عصاة الفهم من الساسة والإعلاميين ممن لا يستقرئون مجمل الحيثيات ويبنون أراءهم وفقا للهوى النمطي ومزاجية التعاطي التقليدية مع الأحداث متناسين أن للعالم إيقاعا جديدا وأعلاما لا يحجب ما وراء الشمس لذلك كانت خطى قطر ودبلوماسيتها واثقة ماضية نحو أهدافها لا تلوى على شيء سوى الحق ونصرته . [email protected]