16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من المؤكد أن فشل الانقلاب العسكري في يوليو الماضي في تركيا قد أضعف دور اللاعبين الدوليين داخل تركيا، وفي الوقت نفسه جعل الدور التركي في الخارج أقوى من ذي قبل، لأن التنظيمات والأحزاب التي راهنت عليها القوى الخارجية في تركيا قد كسر جناحها الأكبر، وهو الكيان الموازي الذي يتزعمه فتح الله جولن في بنسلفانيا الأمريكية، الذي التفت المعارضة الحزبية السياسية التركية حوله في أحداث تقسيم يونيو 2013، والتفت حوله في الانقلاب الإداري الذي قاده الكيان الموازي بتاريخ 17 و25 كانون أول/ ديسمبر 2013، والتفت حوله في الانتخابات البرلمانية في 7/6/2015، والتي فجرت الأطماع الدولية بتعطيل عجلة التقدم والنهضة التركية داخليا، وحرمانها من لعب دور خارجي على صعيد قضايا الإقليم والعالم، وزادت في ذلك الوقت مراهنتهم على تعاون الكيان الموازي مع حزب العمال الكردستاني لينسحب من عملية السلام ويحرج حكومة حزب العدالة والتنمية، وادعاء عجزها عن ضبط الأمن الداخلي، بل شمل هذا الحلف المشبوه جمعيات أرمنية تنطلق من أمريكا والدول الأوروبية لتشويه صورة تركيا في الخارج، وإثارة المشاكل والنعرات القومية العنصرية ضد الحكومة التركية، هذه التنظيمات والجمعيات المشبوهة اتفقت جميعها على مواجهة حكومة حزب العدالة والتنمية لإسقاطها داخليا، وسحب بساط الدعم الخارجي عنها، بحجة أن الحكومة التركية أصبحت معزولة عالميًا. كل هذه التحالفات الداخلية والخارجية المعادية للدولة التركية وليس لحكومة العدالة والتنمية، تكسرت بالانقلاب الفاشل بتاريخ 15 يوليو الماضي، فقد انكشفت جريمة الكيان الموازي بالكامل، وانفضحت خيانة فتح الله جولن زعيم الانقلاب الدموي، واعترف نائب الرئيس الأمريكي بايدن لوزير العدل التركي باكير بوزداغ أن تركيا قدمت الأدلة الدامغة لتورط فتح الله بالانقلاب الفاشل، الذي أودى بحياة أكثر من مائتين وأربعين (240) مواطنا تركيا، ففشل الانقلاب فضح كل القوى الداخلية والخارجية التي كانت متحالفة مع الكيان الموازي بعد انقلاب ديسمبر 2013، ولكن أحزاب المعارضة التركية الرسمية وبالأخص حزب الشعب الجمهوري أدرك خطورة وخطأ تورط الكيان الموازي بالانقلاب الفاشل، ولذلك وتحت تأثير الموقف الشعبي العارم الذي أفشل الانقلاب، وقف رئيس حزب الشعب الجمهوري كلجدار أغلو إلى جانب الحكومة والرئيس رجب طيب أردوغان.إن تأخير أمريكا تسليم فتح الله جولن لا يسلم من احتمالية محاولة الكيان الموازي لجمع عناصره المتناثرة، والتي لم يتم إلقاء القبض عليهم حتى الآن، وإضافة لعناصر منظمات إرهابية أخرى مثل عناصر حزب العمال الكردستاني أو المنظمات السرية اليسارية أو الأرمنية التي تحركها القوى الخارجية لإثارة الاضطرابات الداخلية، ولكنها مهما بلغت من القوة لن تستطيع المعاودة في انقلاب عسكري، كما يظن البعض وإنما يمكن للقوى الخارجية أن تحرك هذه العناصر الإرهابية المتناثرة لإحداث اضطرابات أو تفجيرات إرهابية، وهذه العناصر الإرهابية سوف تخسر نفسها، لأنها ليس لها أهداف ذاتية، وإنما ستكون أدوات بأيدي العابثين بالأمن التركي من الخارج فقط، والأهم أنه لن يكون لها حاضنة شعبية من كل قوميات الشعب التركي في الداخل، بما فيها أبناء الشعب الكردي في تركيا، وبالأخص أن الصراعات السياسية داخل قيادة حزب العمال الكردستاني بين عبدالله أوجلان وجميل بايك قد ظهرت على السطح، وثبت أن جميل بايك الذي يقود العمليات الإرهابية من جبال قنديل في تركيا وسوريا والعراق يتم تحريكه بأوامر من الحرس الثوري الإيراني، بينما يرى عبدالله أوجلان أنه لا مصلحة للشعب الكردي بالانخراط في مشاريع دولية لتقسيم دول المنطقة وضد شعوبها.لقد تمكنت تركيا من إيجاد أرضية تفاهم مع روسيا بحيث تم إبعاد الدعم الروسي لحزب العمال الكردستاني وفروعه التي تعادي تركيا، وجرى وضع حد للتخطيط أو التخبط الأمريكي شمال سوريا الذي يضر بالأمن القومي التركي، حتى إن أمريكا عرضت على تركيا أن تشاركها في تحرير الرقة من أيدي داعش، وهذا يعني أن أمريكا تدرك أن الحكومة التركية لديها خططها العسكرية الذاتية لشمال سوريا، وبالأخص أن معظم الجنرالات الذين كانوا يقودون الجبهة التركية الجنوبية والمشرفين على الحدود التركية السورية كانوا من أتباع الكيان الموازي، ويعملون لصالح فتح الله جولن، وبالتالي فإن المخابرات الأمريكية كانت تطلع على ما لديهم من خطط عسكرية تركية لتلك المنطقة، بينما تحتاج أمريكا الآن إلى التفاهم مع أنقرة ووزارة الدفاع التركية قبل التفاهم مباشرة مع جنرالات الجبهة الجنوبية التركية.إن أمريكا تدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن الحكومة التركية قادرة على اتخاذ قرارات تركية سياسية أو عسكرية ذاتية تخدم مصالح الدولة التركية قبل كل شيء، دون أن تكون بهدف الإضرار بأحد، ولكن دون أن تسمح لأي دولة أن تتدخل بقراراتها السياسية أو العسكرية كالسابق، والتفاهم التركي الأمريكي شمال سوريا ليس في تحالف ضد أحد بقدر ما هو تجنب للاصطدام مع حليف إستراتيجي قديم للجمهورية التركية.إن دور السياسة التركية بعد الانقلاب أمام فرصة صناعة علاقات جديدة مع أمريكا وروسيا معًا، بحيث لا تكون تركيا في حلف لإحدى الدولتين ضد الدولة الأخرى، وإنما يمكنها أن تلعب دورا متوازنا يمكن أن يقنع الروس بان دورهم الحالي في سوريا هو دور خاسر في النهاية، كما ألزم الأمريكيين بأن دورهم المعادي لتركيا في سوريا لن ينجح، وأن الأجدى لروسيا عدم الدخول في عداء مع الأمة العربية والتركية والإسلامية، لمجرد مراهنتها على أن بشار الأسد أو الحرس الثوري الإيراني يمكن أن يضمن لها مصالحها الاقتصادية في سوريا، فهذه مراهنة خاسرة، أخطأت روسيا في تبنيها أولًا، وهي تخطئ أكثر وهي تقتل الشعب السوري في حلب وحمص وحماه ودرعا وغيرها بوحشية كبيرة ثانيًا، فروسيا سوف تدفع ثمن ذلك في سوريا وفي روسيا ثالثًا، لأن روسيا تعرف الإسلام والمسلمين جيدًا، وخمس سكان روسيا هم من المسلمين، وهؤلاء لا يقبلون ما يتعرض له إخوتهم في سوريا من مجازر على أيدي الجيش الروسي.