17 سبتمبر 2025

تسجيل

وتذكرتُ ترف الحياة المكيفة!

30 سبتمبر 2013

وأنت تسير في الطرق السريعة إن لم تنتبه للأسهم التي تحدد الاتجاهات على اللافتات يمكن أن تجد نفسك في الشمال، أو أم صلال علي، أو أم سعيد، كما حدث مع أصدقاء كانت وجهتهم شارع السد، أو الغرافة، شخصياً حاولت تجربة طريق جديد تصورت أنه الأقرب من دوار الجوازات إلى دوار الفروسية، حيث كانت وجهتي، لكن بعد مسافة تفرع الشارع إلى حارتين يمين ويسار، وعجزت عن تذكر أيهما يوصل إلى دخان وأيهما يوصل إلى الريان كما يشير السهم، توقفت والسيارات خلفي تطير عبر المسارين، طال وقوفي في موضع خطر، ولم تكن من وسيلة إلا النزول من السيارة ومحاولة استيقاف أي سيارة لترشدني لطريق الريان، لم تفلح المحاولة، كررتها حتى أنهكتني شمس حارقة، ورطوبة خانقة، وبدأ ضغطي بالارتفاع، عدت إلى سيارتي وأيقنت أني سأبقى طويلاً في مكاني بعد أن فقدت الأمل في توقف أي سيارة، فجأة لمحت في المرآة سيارة شرطة تتجه نحوي، نزل الشرطي وسأل بأدب جم (في شي)؟ انهلت عليه بالشكر لأنه أنقذني أولاً بوجوده من المأزق الذي أنا فيه، ثم شرحت له عجزي عن تحديد اتجاهي، ركب سيارته وقال اتبعيني، تبعته حتى تبين لي الطريق، توقفت لحظات لأشكره ثانية على ما أسدى إليَّ من مساعدة فرد في تواضع (حنا يا أختي نؤدي واجبنا.. هذا واجبي) مضى يتبعه دعائي له بالسلامة الدائمة، وكان لزاماً أن أسجل هذا الموقف بزاويتي امتناناً، وشكراً، للشرطي (محمد سعيد البريدي) سيارة رقم (7803) والذي كان في دورية صباحية يوم الأربعاء الفائت، شكراً.. شكراً جزيلاً يا محمد، وشكراً كثيراً لأفراد الشرطة الذين يقفون تحت شمس لاهبة ليفكوا الاختناقات، وينظموا السير في شوارع وميادين قطر، ورغم الإجهاد يبتسمون. * في وقفتي بمأزقي تحت شمس حارة تذكرت ترف الحياة المكيفة، تذكرت المكتب المكيف، والسيارة المكيفة، والسوبر ماركت المكيف، والشبرا المكيفة، وقفزت إلى خاطري صور عمال الطرق الذين ينحنون بصدورهم الضعيفة على (الورور) ليحفروا طريقاً يُمهد من بعد لتسير فوقه سياراتنا الفارهة! تذكرت كل الذين يتقاضون أجوراً زهيدة ليجملوا حياتنا، ويسهلوا دروبنا، وييسروا انتقالنا، ويعبِّدوا طرقنا وقد لا يجدون جرعة ماء بارد تحت حر أشعة أقل أضرارها (ضربة شمس)، بينما نوافير العرق النازفة من أجسادهم النحيلة لا تتوقف طيلة يوم مشحون بالإرهاق والتعب، إن مجرد وقفة تحت حرارة شمس هذه الأيام لضياعنا في طريق، أو لتغيير عجل السيارة يمكن أن يشعرنا بجلد وصبر وشقاء هؤلاء الصابرين من أجل لقمة العيش، شخصياً قبلاتي فوق كل الأيادي المعروقة الضعيفة التي تعمل دون تذمر. ** حكاية وراءها درس * كان (علي بن أبي طالب) يقاتل مشركاً شرساً فطال بينهما القتال، وفي النهاية تمكن (علي) من خصمه المشرك وذلك عندما سقط جريحاً، ولما هم بقتله بصق (المشرك) في وجه (علي) والسيف يوشك أن يهوي عليه فما كان من علي كرَّم الله وجهه إلا أن انصرف عن عدوه ولم يقتله، ولما سألوه لماذا لم تقتله وقد كنت قادراً على ذلك؟ قال لقد كنت أقاتله لله فلما بصق في وجهي أحسست بأني أريد الانتقام لنفسي فتركته! هذه حكاية مر عليها أكثر من ألف وأربعمائة عام، إلا أنها تحضر حضوراً مدوياً في مشهد اليوم الذي امتلأ بالانتقام وأصبح فيه القتل سهلاً كشرب كوب ماء، وضاعت فيه حرمة دم المسلم على المسلم! ** طبقات فوق الهمس * وزير الخارجية المصري يقول في الأمم المتحدة (إن كل المصريين مدعوون للمشاركة في دعم خريطة الطريق).. كل المصريين؟ حتى المعتقلون؟! * ويقول (إن مصر تسير الآن على الطريق الصحيح)! صحيح بأمارة تكميم القنوات، واعتقال البنات، ومن مات في السجن مات!! * نسمع أن الاقتصاد ينهار، والحياة مصابة بالشلل، والتذمر أصبح أعلى صوتاً من (كله تمام) ومحاولات القهر بالاعتقال والتهم الجاهزة تتزايد، والواقع يقول إنه لا يمكن اعتقال كل مصر، ولا سجن كل مصر، ولا مصادرة حرية تعبير كل مصر، لا سبيل لتعافي مصر التي نحبها إلا بحوار الثوار الأحرار، وتغليب مصالح الوطن العليا، والتوافق الوطني، هذا هو العقل، كل العقل. * لا تدري قناة الجزيرة كم تذبح قلوبنا بحزن لا يطاق، وألم لا يوصف وهي تعرض برنامجها (شهود المذبحة) في رابعة، إن ما يقوله الشهود الذين فقدوا أحباءهم وأولادهم وكل الذين حضروا جريمة الفض، إنما شاهدوا مذبحة أسطورية مروعة لا يتصورها بشر، شخصياً كنت أتصور أن أفظع مذبحة كانت (صبرا وشاتيلا) حتى رأيت مخ أحدهم يخرج من رأسه بفعل رصاصة أطلقها مصري لتتهشم رأس مصري. * تمرد، تجرد، تعرض، كله على جنب الآن، إذ ما كان في الحسبان دور الطلبة الذين يحدثون تغييراً لا تخطئه عين في مسار الثورة بإصرار لافت، لا يعرف الخوف، ولا يخشى السجن.. إنهم الزلزال القادم. * حيازة (عقل) أصبحت تهمة يعاقب عليها القانون! يا للمسخرة!! * صحيفة الواشنطن بوست تقول في مقال (جاكسون ديل): الإخوان سيعودون للحكم مرة أخرى، وسيكون الخاسر الأكبر في الانقلاب على مرسي من دعوا إلى هذا الانقلاب! هل يرى جاكسون ما لا نرى؟ * مد مدة الحبس الاحتياطي لتكون بلا سقف ولا محاكمة حيلة قانونية لإبقاء الإخوان في السجون! والسؤال لماذا صدر هذا الحكم بعد خروج مبارك لتجاوزه فترة الحبس الاحتياطي؟ الجواب يعرفه طفل لابس بامبرز! * حزب النور يهان الآن، بل يطالب البعض بطرده من لجنة الدستور، وهذا جزاء وفاق لمن يلعب على الحبلين أملاً في تصدر المشهد بدلاً من الشرعية. * في الفسحة هتفت الطالبة (سمية عبدالقادر): يسقط يسقط حكم العسكر رافعة يدها بإشارة رابعة، صرخت فيها المديرة (نزلي إيدك يا بنت) ردت البنت (لا مش حنزلها) لطمتها المديرة بقلم مدو على وجهها وتبعته بوصلة شتائم معتبرة، ملاحظة سيدتي المربية (اسمحيلي) أنت تنقصك التربية. * هدى مدرسة هتفت يسقط حكم العسكر أثناء تشغيل شريط (تسلم الأيادي) بطابور الصباح فما كان من مدير المدرسة، إلا أن حولها إلى الشؤون القانونية للتحقيق. عفواً سيدي المدير أنت مرتعش، وخائف على لقمة عيشك المغمسة بالذل ومكانك ليس وزارة التربية والتعليم، عارف انت مكانك فين! * رئيس الوزراء وافق على (إطلاق أسماء شهداء الشرطة على الشوارع والميادين) طيب واللي قتلتهم الشرطة حتكفوهم شوارع وميادين منين يا طيب؟ * يسرني أن أقرأ أن عشرات من أهل الخير تبرعوا بالحج عن الشهيدة بإذن الله (أسماء البلتاجي) نجلة القيادي محمد البلتاجي، ولقد كتب عمار البلتاجي يواسي أمه (لا بأس يا أمي أعدك أن تحج (أسماء) هذا العام وإن رحلت). * متى ينام الحزن ويترك قلوبنا الموجوعة؟ سؤال عويص عويص وقلب مصر يتوجع!