16 سبتمبر 2025
تسجيليترقب العالم وفقاً لمصادر اقتصادية حلول أزمة غذاء عالمية خلال العام القادم 2013 م إثر ارتفاع أسعار الحبوب ومنتجات الأعلاف تبعاً لتراجع كميات إنتاجها بسبب جملة عوامل ترجعها منظمة الزراعة والأغذية العالمية " الفاو " إلى عوامل الجفاف في بعض المناطق ولجوء بعض الدول إلى حظر تصدير منتجاتها من الحبوب تحقيقاً للكفاية الذاتية وسداً للطلب المحلي. وحقيقة العالم وفقاً لتزايد النمو البشري والكثافة السكانية والتي تناهز الآن الـ 7 مليارات نسمة مع تبدل ملحوظ في نمطية الحياة ومظاهرها في بعض المجتمعات الإنسانية غدت الموارد الطبيعية رغم ميكنتها وتطوير آليات إنتاجها والتدخل الوراثي أيضاً في المنتجات زيادة لخصوبتها وتكرار إنتاجها لا تسد الحاجة المتنامية للإنسان من الغذاء لتتكرر ظاهرة الأزمات وتعيد للتاريخ ذكريات الجدب والقحط ومظاهر الجوع وغيرها من تبعات الموقف. ومما يجعل العقول في حيرة حقيقة حين تقارن بين المد التقني للعلوم ومظاهر الإنتاج في شتى المجالات وبين أن ترى الإنسان عاجزا عن تحقيق كفايته عموماً من الغذاء فتظهر الأزمات هنا وهناك وتتوالى مظاهر الجدب ويتحدث الإعلام بشراهة عن هذا الجانب والذي هو في الأساس سنة كونية اعتادت عليها البشرية منذ نشأتها. ولكن مجمل الغرابة أن تتزامن تلك الأزمات المعلنة مع مظاهر تنمية وازدهار عالمي شامل يمضي نحو تحقيق معدلات مقبولة من النمو أو الاستقرار على الأقل بعد الأزمات المالية التي عانت منها الاقتصادية العالمية في العام 2009 وما تلاه والتي تركزت في المصرفية ومشاكل الرهن العقاري والتي يُرجع بعض المحللين أسبابها إلى جشع بعض الجهات وتماديها في تحقيق الكسب وتنامي الحصيل من العائد ولو بالأرقام المسجلة فقط دون تمحيص في أصل العين وحجمه وهو افتعال بلا شك لم تصنعه التلقائية وظروف السوق أو حتى صعوبات الطبيعة وأزماتها وهو ما يتكرر الآن في جانب الغذاء حيث تحرص الكثير من الجهات على تحقيق مكاسب أو تعويض فرص. فتفتعل الأزمات تلو الأزمات دون أن يكون لها واقع، فالعالم لم يشهد حروبا طاحنة أو هناك ما يخل من الطبيعة بحجم الإنتاج سوى أن المنظمات العالمية غدت مطية في يد التجار وشركات التسويق فيفرضون عليها توجهات تلزمها بإصدار التقارير والتحذيرات والتي لا نشك في مصداقيتها مطلقا ولكن منظمة بحجم الفاو ودراساتها وأبحاثها وخبرائها أليست جديرة بالاستشعار المبكر لمثل تلك الأزمات وكذلك أليست معنية بطرح الحلول والمعالجات فهي كمنظمة أممية معنية بإطعام كل ملايين البشر فوق هذه البسيطة. فنحن لا نطالب " الفاو " بأن تقوم بدور نبي الله يوسف حين عبر رؤيا السبع البقرات السمان واللاتي يأكلهن سبع عجاف كما رآه عزيز مصر في منامه بل كان نبي الله يوسف هو عليه السلام من أدار الأزمة. عموما تلك من كرامات الأنبياء والرسل وفيها من عبر التاريخ ما يجدي لصناعة المستقبل خاصة ونحن نعيش عصر الآلة وميكنة الإنتاج ومقاييس العمل الدقيق المبني على حسابات وموازين. لذلك فـ " الفاو " ربما ودون أن تنتظر رؤيا لأحد ما.. مطالبة بالمزيد من الشفافية والاستباقية لمعالجة مثل تلك القضايا والإسهام في تنفيذ البرامج والحلول التوسعية للحد من أزمات الغذاء والتي تشاع الآن حولها ظاهرة الاحتكار وتتحدث الفاو بهذه اللهجة حين يكرر خبراؤها بأن منع بعض الدول للتصدير يفاقم أزمة الغذاء وهذا ما لا ينبغي بل يجب أيضا أن تكون الفاو باعتبارها منظمة أممية ذات قرار ملزم ولديها خارطة لتوزيع الغذاء وحرية تجارته دون احتكار أو تحكم مخل يفضي إلى أزمات أو يثري جانبا على حساب آخر. أيضا من المفارقات أن تتحدث الفاو عن توقعات بخفض طفيف في إنتاج الأرز العالمي لهذا العام بسبب تأخر الأمطار الموسمية في الهند ليرجع حجم الإنتاج إلى 7.24 مليون طن بدلاً من 7.8 مليون طن كان متوقعاً وتثير المنظمة تخوفها من حظر الهند تصدير الأرز لهذه الأسباب بينما التقرير المنشور في جريدة الشرق الأوسط حول هذا الصدد في العدد 12306 والصادر يوم 17 أغسطس 2012م يقول إن حجم الاستهلاك العالمي من الأرز عام 2012م يصل إلى 474 مليون طن أي أن هناك فائضا مقارنة بحجم المنتج مما يدل على حضور الاحتكار وتعزيزه بالتصريحات الأممية وهو ما يجعل المواطن هنا أو في غيره من البلدان يتكلف المزيد من الدفع لمواجهة أسعار الغذاء التي تستحدثها رغبات تجارية محضة تطوع الاقتصاد والسياسة لطموحاتها بينما الطبيعة براء مما يصنعون.