07 أكتوبر 2025

تسجيل

مدينة المعرفة

30 أغسطس 2020

عند اصرارنا على تسمية المرحلة الاولى الانتقالية من الاقتصاد التقليدي الى اقتصاد المعرفة بالاقتصاد الرقمي، لأنه كان من الضروري اكتمال التحول من الاقتصاد التقليدي الى الرقمي كمرحلة اولى، اي تحويل المحتوى من الكتب والمكتبات ومن الاقراص والملفات ومن الاوراق الى العالم الرقمي. فالكاتب والموسيقي والمسؤول والموظف والخدمات الحكومية والشأن القانوني والاتصال والتواصل، ووضع اطر قانونية لقبول المعاملات في المحاكم والهيئات الرسمية، وخلق منظومة موثوق بها آمنة من التطبيقات والبرامج، حتى تكتمل هذه المنظومة الرقمية والتي هي في الاساس تحويل المحتوى من تقليدي الى رقمي، مع إعداد مؤسسات صنع المعرفة. وهناك بعد انتاج المعرفة وجود قاعدة رقمية، هي التي ستمكن من الانتقال الى الاقتصاد الرقمي بسلاسة ودون خلق ثغرات تعرقل مسيرة التقدم، ومن المتوقع ان يصاحب ذلك نقلة ثقافية تواكب هذا الانتقال من خلال الممارسات التي تعد افراد المجتمع والمؤسسسات لنسج سلوكيات ومفاهيم ومهارات قادرة على السماح للمجتمع بالتحول الطبيعي، وملء الفراغات بعادات وسلوكيات تتواءم مع طبيعة عصر المعرفة. ولا بد من بذل كل الجهود لاعداد المجتمع للانتقال لاقتصاد المعرفة، فلن تنجح اي خطة دون ان يواكب ذلك توأمة انتقال اقتصاد المعرفة مع طبيعة المجتمع، والهدف الآخر انه في حال تم التركيز على المرحلة الاولى ان نتلافى وقوع فجوات قد تعطل الانتقال، او تقود لفقدان الثقة في القدرة على التحول، بعد تحقيق التحول للاقتصاد الرقمي نكون اقرب للتحول لاقتصاد المعرفة، بوجود مراكز الابحاث والجامعات والحاضنات وسبل التمويل، اصبح هناك منظومة تتحول مع مرور الزمن الى بيئة جاذبة لرأس المال، وجاذبة لأصحاب المبادرات وجاذبة لرأس المال المجازف والمؤسسات المالية والاستثمارية العالمية وصناديق رأس المال المجازف. ما زال النظام التعليمي يحتاج لاعادة تشكيل عقيدة خاصة انه لا يزال يكرر مفهوم اعداد افراد المجتمع لحاجة السوق، وهذه مقولة عفى عليها الزمن، فالآن النظام التعليمي مطالب بتجهيز الطلبة ليكونوا مبادرين ومؤسسين لمشاريع هي اساس اقتصاد المعرفة، وهي المبادرات التي سترفد الاقتصاد بمشاريع يتحول معها الاقتصاد لاقتصاد المعرفة. كلما كان نظام التعليم ونظام الحوافز في المجتمع مصمما لتشكيل غايات المجتمع، كان بالامكان تحشيد الامكانات وتوجية الطاقات مالية او بشرية في التوجهات الرئيسة، وهنا التوجه واضح وحتمي، ما زال نظام الحوافز يحتاج الكثير من العمل، فآليات نظام الحوافز تعمل بلا انقطاع لتوجيه دفة الجهود بصمت واستمرارية تعمل في الخفاء والعلن بعضها مادي رواتب واسهم، وبعضها نفسي وبعضها نفسي ومجتمعي تكريم ودعم وبرامج للمنافسة جاذبة للنشء والشباب. العناية بتصميم نظام حوافز فاعل سيكون المحرك الاساس في الجهود للوصول لعالم المعرفة، انشاء مدينة معرفة سيكون نواة التحول يجتمع فيها اصحاب الرغبة والشغف بعالم تأسيس الشركات والمشاريع واصحاب الاحلام والطموح والمجازفون، لخلق مجتمع يتحدث لغة وهموما متجانسة وتدفع بعضها بعض لإنشاء شركات وافكار تتطور وتتخلق في جو حاضن وبيئة صديقة لاصحاب الافكار، ولتكوين منظومة من شبكات العلاقات والقيادات ونماذج العمل المبتكرة، ويمكن رفد تلك المدينة بمشروع رائد يبني على انجازات قطر في حقل الطاقة النظيفة، حيث يكون جوهر حراك المدينة ويمكنها من خلق ميزة تنافسية لا تجاريها مدينة اخرى. فنحن نملك مشاريع يمكن من خلالها انشاء منظومة متطورة مثل مشروع برزان للطاقة المحلية، عليه يمكن بناء مركز بيانات يملك ميزة تنافسية تبني على ميزة قطر التنافسية في الغاز الطبيعي لا يستطيع احد مجاراتنا ونكون مصدر بناء مراكز البيانات على مستوى العالم والمنطقة في حاجة كبيرة لمثل هذا المشروع، ويمكن تصور بناء شبكة من مدن المعرفة والتي منطقتنا في اشد الحاجة لها في ظل تسارع التطورات التقنية في عالم اليوم، ستستفيق المنطقة والدول والشعوب على مدى الحاجة لإدارة المعلومات الكبيرة للتأقلم مع الحراك الحثيث في ادخال التقنيات للحياة اليومية، وتمكين الآلات الذاتية القيادة من سيارات وقطارات وطائرات ونقل وصحة ومرور وغيرها لأننا متجهون للاقتصاد ذاتي القيادة. [email protected]