14 سبتمبر 2025
تسجيلعادت المواجهة إلى عرسال المحاذية للحدود السورية من جديد بين الجيش اللبناني وتنظيمات جهادية سورية تنتشر في جبال القلمون السورية بعد أن سيطر الجيش السوري وحزب الله على البلدات في القلمون قبل عدة شهور.وتعود ذيول الأحداث إلى الثاني من أغسطس الماضي حين اعتقل الجيش اللبناني قائد لواء فجر الإسلام عماد جمعة خلال دخوله الأراضي اللبنانية. وما أن انتشر الخبر بين الفصائل الجهادية الموجودة في القلمون حتى تداعى العشرات منهم لنصرة جمعة وفك أسره. وقد استمرت المعارك لمدة خمسة أيام متواصلة، مودية بحياة 19 عسكريا لبنانيا بينهم ثلاثة ضباط، وانتهت بانسحاب المسلحين ومعهم 34 أسيراً من قوى الأمن والجيش اللبناني إلى جرود البلدة التي تتشارك حدودا طويلة مع منطقة القلمون. بعد بدء الأزمة في عرسال، تدخلت هيئة علماء المسلمين في لبنان (كيان سني يتأطر في داخله عشرات العلماء السنة من ولاءات فكرية متنوعة)، على خط الأزمة للحيلولة دون تورط الجيش اللبناني في سيناريو معد مسبقاً، وما قد يجره الأمر من تداعيات خطيرة على الشارع اللبناني بشكل عام، وكذلك على اللاجئين السوريين في عرسال. نجحت هيئة العلماء في بناء قناة اتصال سليمة وثابتة، كان من ثمرتها أن أطلقت "جبهة النصرة" سراح 8 من العسكريين لديها "كبادرة حسن نية" إلا أن الضغوطات التي تعرضت لها الوساطة من أطراف عديدة حالت دون إتمامها، ما دفع هيئة العلماء إلى تجميد مبادرتها للوساطة بين الطرفين، وإفساحا في المجال أمام وساطات قطرية وتركية يحكى عنها بقوة هذه الأيام. تعطل مسار المفاوضات مع الدولة اللبنانية دفع تنظيم «الدولة الإسلامية» في القلمون يوم الثلاثاء الفائت لإصدار بيان يعلن فيه أنّه "سيقتل أول جندي لبناني أسير لديه بعد ٢٤ ساعة من تاريخ إصدار البيان إذا لم يتم تحييد حزب الله عن مفاوضات تبادل الأسرى وتبدأ الحكومة اللبنانية بعمل جدي لحل الأزمة". داعيا الحكومة إلى مفاوضات جديدة أو يذبح التنظيم كل ثلاثة أيام جنديا لبنانيا أسيرا لديه. وبرزت مطالب تنظيم الدولة للإفراج عن الجنود الأسرى لديه في إطلاق الدولة اللبنانية عشرة سجناء إسلاميين من سجن رومية مقابل كل جندي أسير لديه، مشترطاً في الوقت ذاته إطلاق أسماء محددة، من أبرزهم عماد جمعة الذي أشارت التحقيقات معه وفق ما سُرب من محاضر، أن أبا مالك السوري أمير جبهة النصرة في القلمون ومجموعاته التسع والعشرين توافقوا قبل توقيف جمعة على شن هجوم مشترك على عرسال لأخذها قاعدة انطلاق ضد قرى لبنانية وضد الجيش اللبناني وذلك لخلق منطقة أكبر للنزاع تبدأ من القلمون السورية والبقاع ومن ثم الانتقال إلى الشمال وإعلان الإمارة وتعيين سراج الدين زريقات (لبناني يتزعم كتائب عبدالله عزام) أميرا عليها. وذلك بالتعاون مع مجموعات نائمة في مناطق لبنانية كانت ستعمل على خلق عدم الاستقرار. والمخطط لا شك خطير للغاية إذا ما صحت المعلومات بشأنه فلبنان يحتل لبنان مكانة مهمة في أجندة الدولة الإسلامية (داعش) حيث يعتبر جزءا لا يتجزأ من جغرافية دولة الخلافة.. وبما أنه يعيش منذ ما قبل الأزمة السورية عدداً من المشاكل السياسية والاجتماعية، فإن الظروف سمحت للتنظيمات الجهادية التغلغل في البيئة السنية التي يعيش أهلها شعوراً بالتهميش والإقصاء. ومع إسقاط تنظيم الدولة الإسلامية الحدود بين العراق وسوريا أصبحت الحدود بين لبنان وسوريا أكثر رخاوة إذ إنها غير قائمة فعليا، لا أمام المقاتلين ولا اللاجئين بالملايين. ولم تعد قائمة أيضاً بين سوريا والعراق بعدما أزالها تنظيم الدولة الإسلامية. وهناك العشرات من الإسلاميين السنة يقاتلون مع التنظيمات الجهادية في سوريا والعراق. وقد نفذ عدد منهم عمليات انتحارية في كل من سوريا والعراق، كان آخرها ما أعلنه تنظيم الدولة الإسلامية أن هشام الحاج (الملقب بـ"أبو طلحة"، من مدينة طرابلس)، نفّذ عملية استشهادية في العراق قبل أيام قليلة. وبناء على هذه التطورات لم يعد أحد في لبنان يهتم بالسؤال الأبرز: هل لبنان انخرط فعلياً في الصراع السوري؟ لتصبح التساؤلات الأكثر تداولاً على ألسنة الناس: هل سيضّم تنظيم داعش لبنان إلى خلافته حقاً؟ وهل آن أوان لبنان أن يتفكك بعد أن حطم كل مشاريع التقسيم سابقا؟ ولا تستغرب إذا سمعت أن في لبنان أصواتا بدأت ترتفع تدعو الطوائف إلى التسلح لحماية نفسها من عدو قادم وآخر محتمل!.