11 سبتمبر 2025
تسجيلكيف أبني شخصية طفلي؟ كثيرا ما يتكرر هذا السؤال من الآباء والأمهات، إن من النقاط الأساسية في بناء شخصية الطفل التركيز على إيجابيته وإنجازاته، فإنه لو عمل شيئا بسيطا وكانت ردة فعلنا عليه كبيرة سنجعله يفكر بطريقة جديدة، هي قيمة الإنجاز في الحياة، عندها ينمو هذا الطفل بفكر إنجازي يسعى إلى الإنجاز. يجب أن نعود الطفل أن يكون له إنجاز وهدف ورسالة، حتى لو كانت صغيرة أو تافهة بمقاييسنا نحن الكبار، لأن حياة الطفولة حياة متعة، وعندما يكبر هذا الطفل ستكبر معه رسالته وأهدافه. إن بناء شخصية الطفل يتطلب منا أن نحدد أهدافاً واقعية، فبعض الآباء المثاليين يضع أهدافا مثالية عالية للأبناء لتحقيق المرادات وهذه غلطة كبرى، لأن الابن إذا عجز عن الوصول إلى المثاليات التي يريدها الأب يشعر أنه شخص فاشل، فالطفل لا يجيد التفريق بين المرادات المثالية والواقعية، لأنه لم يختبر الحياة ولم تختبره بعد، فإذا لم يصل لمرادات الكبار فإنه يشعر بالفشل. ثم يقوم الأب بعد ذلك بدلا من دفعه إلى العطاء والتميز بنقده، وهذه مشكلة أخرى، إن هذا السلوك مع الطفل يؤدي إلى إضعاف ثقته بنفسه، ويصيبه بالعزوف عن الإنجاز ويقلل الدوافع في نفسه. يجب أن نكافئ الطفل على كل محاولة يقوم بها، فالنجاح ليس هو الهدف في هذه المرحلة، إنما الهدف هو تنمية الدوافع وترك المجال للطفل كي يحاول وتشجيعه على ذلك، وهذه لمسة مهمة في بناء شخصية الطفل، فلا يجب أن ينجح الطفل في كل محاولاته، بل يجب أن نحافظ على المعنى القيمي للمحاولة. النجاح له اشتراطات متعددة منها توفيق الله سبحانه وتعالى وهذه ليست بيد الإنسان، أما المحاولة فهي بيده، ويجب أن يكافأ الطفل عليها لأنها هي الدور الذي يجب أن يقوم به، ولا ينفع أن ينتقد أو يؤلم أو يُعذب على عدم التوفيق الذي له اشتراطات أخرى ليست في يد هذا الطفل. إن من اللمسات المهمة في بناء شخصية الطفل عدم وصف الطفل بألفاظ سلبية،لأن الطفل يخلط بين فعله وذاته، فوصفنا للطفل أنه فاشل ـ ونحن نقصد أن فعله هو الفاشل ـ يتقبلها الطفل بذاته، لأنه ليس عنده الخبرة الكافية للتفريق بين الاثنين لذا يجب أن نصفه بالمبدع الجريء، يجب أن نسمي فشل الطفل جرأة ونغرقه بعبارات التشجيع والثناء، لأننا نركز على المحاولة التي قام بها وليس على نتائجها. إن من الوسائل المهمة في بناء شخصية الطفل أن ننظر للطفل أنه حالة فريدة متميزة مختلفة بذاتها، فكل طفل عنده قدرات معينة أو مميزة، ليس لأنه أفضل من غيره بل لأنه مختلف عن غيره، وبهذه الطريقة أجعل الطفل ينافس ذاته لا ينافس غيره وهذا هو المطلب الأساسي. إن كثيرا من الأمهات والآباء يظنون أن الطفل شخصية ضعيفة قابلة للكسر، فيرفعوا كمية الحماية والتدليل، وقد ينشأ الطفل بسبب ذلك هشا ضعيفا، وعندما يكبر ويحتك بالأطفال وإذا به يكتئب، لأنه لم يُدرب على مهارة التعامل مع المشكلات والضغوط، ولذا كان لزاما تعريض الأطفال للضغوط البسيطة تحت إشراف الوالدين وتدريبهم على التعامل معها، فالوالد لن يكون ظل الطفل عندما يذهب إلى المدرسة على سبيل المثال، فتعريضه للضغوط اليسيرة تحت إشراف الوالدين مطلبا وواجبا نفسيا لتحقيق النمو النفسي المتوازن لذلك الطفل. إن أزمة الأطفال والمراهقين في أمتنا هي نحن معشر الآباء والأمهات، إن حاجتهم للتغيير والنجاح هي أكبر مما نظنه، وافتراض الشيطانية في المراهقين والأطفال هي أزمة تعيق بناء شخصية الطفل والمراهق فلنحذر منها كي لا نلقي بظلال عيوبنا على أبنائنا.