12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كان التفجير الذي قام به أحد إرهابيي داعش الانتحاريين في بلدة سوروتش الحدودية التركية، نقطة تحول في الحرب التي يشنها التحالف الستيني ضد تنظيم الدولة وربما أمكن القول إن العد التنازلي لهذا التنظيم قد بدأ بالفعل فقد ظلت تركيا بمنأى من الزج بنفسها في أتون هذه الحرب، بل ولقد استفاد التنظيم لوجستيا واقتصاديا من هذا السكوت التركي وهذا الحياد الذي عده المحللون إيجابيا للتنظيم. فالكثير من المحللين يرى أن الأمن التركي وفر غطاء لـ «داعش» في الشمال السوري بشكل خاص وبدا ذلك واضحا في معركة عين العرب (كوباني) إذ راقبها الأتراك عن كثب ولم يشاركوا فيها ودفع الأكراد وأبناء البلدة الكثير لإخراج داعش منها فقد كان ثمة تحالف مصلحة صامت بين داعش والأمن التركي مرده العلاقة القوية بين حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يشكل مسلّحوه القوة الضاربة للأكراد السوريين، وحزب العمال الكردستاني الذي خاض معركة دموية طويلة مع النظام التركي من أجل تحسين أوضاع الأكراد في تركيا.. وذهب بعض المحللين إلى أبعد من ذلك فاتهم تركيا بالتواطؤ مع تنظيم الدولة لقيامها بتسهيل مرور السلاح والمتطوعين إليها، وشراء صادراتها النفطية، وعدم الانخراط في أي حرب ضدها. وبالتأكيد فإن دخول تركيا الحرب ضد تنظيم الدولة سيحكم الخناق على هذه الدولة ويحرمها من هذه المزايا ويقلب المعادلة ضدها وسيحدث تغييرا في نتائج الحرب عليها وسيشكل تحولا إستراتيجيا مهما في هذه الحرب لطول الحدود التركية السورية، وخاصة تلك المقابلة لعاصمة الدولة الإسلامية في الرقة ومدينة الموصل العاصمة العملياتية والأتراك يملكون خبرة طويلة في صراعهم مع حزب العمال الكردستاني الانفصالي الذي يقبع زعيمه أوجلان في أحد سجونهم وربما لهذا السبب مارست أمريكا ضعوطا كبيرة على أردوغان للانضمام إلى هذه الحرب. دخول تركيا الحرب ضد داعش لن يجعل الشرق الأوسط الجديد إن كان هناك جديد بنكهة إيرانية فلن تنتصر الأقلية على الأكثرية والتاريخ قال لنا ذلك غير مرة فقد تغامر الأقلية وتفرض إرادتها في جولة لكنها لن تستطيع فرض إرادتها على مر الزمان وفي كل الجولات كما أن التطرف إلى زوال والكتلة الأكبر هي الكتلة السنية الوسطية المعتدلة على مر التاريخ. تفجيرات سوروش الانتحارية يمكن اعتبارها الحدث الذي قضى على التردد التركي وجاء اتفاق أنقرة مع واشنطن ليدفع الأتراك إلى دخول الحرب باطمئنان أكثر فالأتراك الذين عانوا الأمرين بعد انهيار الدولة العثمانية واحتلال اليونانيين بمساعدة الإنجليز وبعض القوى الكبرى لبلادهم وتمزيقها وإحراق قرى بأكملها بمن فيها أحياء لا يزالون يعانون من فوبيا الحروب والتقسيم والتفتيت لذلك كانوا مترددين في دخول الحرب لكن انتصارات أكراد سوريا وتمددهم في المناطق المحاذية على الحدود التركية وتغول وتمدد داعش ووصول رقم المهاجرين السوريين إلى نحو المليونين و نتائج الإنتخابات التركية وعدم حصول حزب العدالة والتنمية على الأغلبية فيها كل ذلك جاء ليؤكد على خيار الحرب على داعش بما سترتبه من تبكير للانتخابات وربما مكنت الحزب من الحصول على الأغلبية التي فقدها بتوحيدها الكتلة الأكبر من الشعب التركي وراء حزب العدالة والتنمية وبما تنجزه من وقف للتمدد الكردي الذي يمكن أن يشكل مع إقليم كردستان العراق دولة كردية تكون تركيا أبرز ضحاياها .فتركيا عاقدة العزم على محاربة الأكراد بنفس القدر الذي تحارب فيه داعش وقد بدأت بالفعل بشن غاراتها على كلا الهدفين ولا شك أن دخول تركيا الحرب ضد داعش مكسب لتركيا ولا صحة البتة لما يروجه بعض المحللين من سلبيات لهذا التدخل بزعم إيقاظه للفتنة الطائفية ودفعه كذلك للسنة من أنصار داعش لشن عمليات انتحارية داخل تركيا لأن تركيا دولة مدنية في نهاية المطاف علمانية التوجه برغم انتماء حزبها الحاكم للأيدولوجية الإسلامية. دخول تركيا الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا مكسب كبير لها وانتصار للتحالف العربي التركي الذي تقوده كل من قطر والسعودية ويشكل عامل صد في مواجهة محاولات التوسع الإيراني في المنطقة خاصة بعد فشل إيران وأذرعها والتحالف الدولي وغاراته في القضاء على داعش، وربما وحدت هذه المشاركة الجزء الأكبر من الشعب التركي وراء حزب العدالة والتنمية لينال الأغلبية في الانتخابات القادمة التي بات أردوغان وحزبه يراهنون عليها كما أن الاتفاق مع الولايات المتحدة أوقف تحالفها العسكري المعلن مع حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات وحدات الحماية الشعبية اللذين يشكلان امتدادا سياسيا في سوريا لحزب العمال الكردستاني الذي ظل لأكثر من ثلاثين عاماً مناهضاً لحكومة أنقرة ومطالبا بالاستقلال والذي واصل هجماته في تركيا في الآونة الأخيرة فوقف الدعم الأمريكي للمكون الكردي مكسب للسياسة التركية بلا جدال ونقطة تحول لصالحها في كل ملفات المنطقة وتغيير لقواعد اللعبة ورسالة قوية ستوهن من عزيمة الآخرين وسيعيد أكراد تركيا إلى حرب خاسرة مع الدولة التركية. كما أن فتح تركيا أبواب قاعدتي أنجرلك وديار بكر أمام طائرات التحالف ضربة موجعة لداعش لأنه يوفر على هذه الطائرات مسافة تصل إلى نحو ألفي كم لأنها ستنطلق من هاتين القاعدتين عوضا ًعن انطلاقها من حاملات الطائرات في الخليج وهو ما سيزيد من عدد الغارات الجوية على مقاتلي تنظيم الدوله ومقراته وطرق إمداده كما أن إعلان منطقة حظر طيران شمال سورية بطول 90 كم وبعمق 50 كم في الأراضي السورية يسمح بعودة المواطنين السوريين المهاجرين والنازحين إليها ويقف حائلا عمليا أمام أحلام الأكراد في التوسع ويبعث برسالة قوية إلى الأسد ويوهن من عزيمته ويزيد من الأعباء على حلفائه ويشكل عامل ضغط عليه في جنيف 3 إذا انطلقت وهكذا يمكن القول بأن دخول تركيا الحرب ضد داعش هو مكسب لها في مواجهة خصومها ومكسب لحلفائها في نفس الوقت.