18 سبتمبر 2025
تسجيلأفل كالنجم.. وغاب كالبدر.. وحزنت على فراقه القلوب.. إنه "محمد اللنجاوي".. هذه الشخصية القطرية المجوبة التي عاشت حياة البساطة والعفوية.. فاستحقت لقب "محبوبة الجماهير في قطر ومنطفة الخليج "، كما عرفت في الوسط الاجتماعي بخفة الدم والمرح والابتسامة التي لا تفارقه أبداً.. وقد تربي ونشأ في فريج منطقة (مشيرب) وكانت تربطه ايضا علاقة محبة مع اهالي منطقة "حي الجسرة" حيث اشتهر بتردده كثيراً على زيارة كبار السن منهم على وجه الخصوص.. وكانت الطرفة وخفة الظل ومحبة الناس له كلها سمات اتسم بها حتى وفاته بتاريخ الأحد 26 يوليو 2015 م، بعد صراع مع المرض حيث تعرض لوعكةٍ صحية في أكتوبر 2014 م بسبب مرض السكري. وقد خلف من بعده ابنته الوحيدة " المياسة ". كما عرف عن الفقيد "اللنجاوي" الذي غادر الدنيا في عمر الشباب بعد مسيرة حافلة في مجال الاعلام والرياضة بشكل خاص، حيث اشتهر كأحد المعلقين الرياضيين في التلفزيون القطري منذ عام 1988 م وحتى سنة 2004 م التي ترك فيها التعليق الرياضي نهائيا، ولعل شهرته أهلته لان يكون احد المعلقين البارزين " شيخ المعلقين " على الساحة المحلية ومنطقة الخليج، كما قدم الكثير من البرامج الرياضية، وكان حضوره المتميز بشكل دائم في دورات الخليج لكرة القدم والبطولات العربية الاخرى، واستمر في عطائه حتى منعه المرض من مواصلة عمله. ولكن الشهرة الاكبر التي قدمت " محمد اللنجاوي " الى المجتمع كانت عبر شاشة التلفزيون القطري من خلال تقديمه لبرامج الأطفال الترفيهية والتوعوية، فلمع نجمعه في هذا المجال حتى عرفه اطفال قطر بكاريزما " بابا لنجه " وهو برنامج المسابقات الشهير الذي اقترن باسمه، كما عرف بين الاوساط الاجتماعية باسم " ابو لنجه " وهو الاسم الذي اشتهر به عبر عمله في الاعلام. وقد قدم الفقيد بعض المسرحيات للأطفال لاقت نجاحا كبيرا منها مسرحية " رحلة إلى الكنز " عام 2005 م ومسرحية " سندريلا وطيور الغابة " عام 2010 م. ومن اعماله التلفزيونية والمسرحية أيضا: المسلسل الكوميدي " محسن منكم وفيكم " ومسرحية " وحوش ما تحوش " عام 1987 م، والمسلسل الكوميدي " 29 سالفة وسالفة " عام 1988 م، وفوازير رمضان " صور شعبية " عام 1988 م، وبرنامج المسابقات " بابا لنجا " على مدى سنوات، وله مسلسل للأطفال هو " حكايات العم مصلح " وقدمه عام 2012 م. الشيء الذي يميز " اللنجاوي " كذلك انه شخصية معروفة على مستوى الخليج العربي، ونال محبة كل الشخصيات الرياضية والسياسية والاجتماعية والفنية، ويقال بان بعض الساسة الخليجيين واصحاب المناصب القيادية عندما يسمعون بوجوده في بلادهم كانوا يستضيفونه للاستئناس به وباحاديثه المرحة لأنه شخصية فكاهية نادرة في التعليق على الاحداث والترفيه عن النفوس باستمرار، بجانب امتلاكه لروح الدعابة مع الاخرين وهو ما جعله محبوبا بين كل اهل قطر واهل الخليج. ولعل الشيء الذي قد لا يعلمه الكثير عن " اللنجاوي " انه من الشخصيات التي تلبي دعوة الحضور في حفلات الزواج فلا يردها ابدا ويكون اول الحضور، كما تجده ايضا يحضر العزاء ويكون اول المعزين في الاحزان وهذه عادة طيبة عرف بها الفقيد في تأديته للواجب. وختاما لابد من الاشارة الى ان الفقيد عرف عنه التلقائية في تقليد الكثير من الشخصيات بكل دقة وبراعة، وهذا التقليد لم يكن يتم بشكل عادي، بل كان يتم عن طريق شخصية تختلجها الكثير من الابداعات التي لا يجيدها اي فنان بارع غير " اللنجاوي "، وهذا اكسبه حب الناس له لأنه زرع الابتسامة في نفوسهم بكل عفوية واتقان. من الذكريات التي احملها عن الفقيد حبه واخلاصه لأعضاء ومجلس ادارة " نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي " حيث رافق ابان فترة شبابه هذه المؤسسة الثقافية التي ذاع صيتها بشكل خاص في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وكان يلازم النادي في الفترتين الصباحية والمسائية دون انقطاع، كما كان في تلك الفترة دائما ما يتواجد مع (فريق الجسرة الثقافي) ويشجعه باستمرار حتى حصلنا على بطولة الدوري الثقافي على مستوى دولة قطر والذي تشرفت شخصيا برئاسته لعدة سنوات مع بقية أعضاء الفريق وهم: (القاضي الدكتور جمال نعمة والسفير حسن علي الشيب والاعلامي جمال أحمد نعمة والمهندس أحمد علي الأنصاري والدكتور ابراهيم الشريف والأخ أحمد الحرقان)، واكتملت انجازات هذا الفريق بفوز نادي الجسرة أيضا ببطولة الدوري الثقافي على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي ويعدها تم تكريمنا من قبل سمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني امير دولة قطر في تلك الفترة (1972 — 1995)، وقد كان يشرف على هذا الفريق اداريا في ذلك الوقت وبمتابعة من كل من: (علي صادق ومحمد سعيد وجاسم نعمة، ومدير النادي الأخ ناصر عبدالرحمن درويش ومن بعده الأخ يوسف درويش رئيس تحرير جريدة الراية سابقاً). كما كانت تربطه علاقة صداقة ومتينة من الناحية الانسانية والتي كانت تبث فيه روح التشجيع والحماس — كما يقول أحد المقربين منه وهو الأخ الفاضل علي صادق مسئول مكتبات جامعة قطر حاليا — مثل: (سعادة الشيخ عبدالله بن خليفة بن حمد آل ثاني رئيس الوزراء سابقا وسعادة الأستاذ سعد بن محمد الرميحي وهيا خليفة النصر مدير عام قناة الجزيرة للأطفال سابقا وسعادة السيد عبدالله بن حمد العطية وزير الطاقة سابقا والشيخ فالح بن غانم ال ثاني). نعم.. لقد غاب عنا محمد اللنجاوي (1966 — 2015) عن هذه الدنيا بجسده.. ولكن ستظل ابتسامته التي تعودنا عليها على قيد هذه الحياة.. وسيخلد في ذاكرة قطر الى الابد لأنه حقق لهم ما لم يحققه غيره من خلال حبه للناس الذين بادلوه نفس الحب أثناء حياته القصيرة التي عاشها دون تكلف في المظهر ودون مبالغة. وبالأمس تناول الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من (هاشتاق) ينعون بها وفاة محمد اللنجاوي، كما أظهر بعض الاعلاميين في الوسط الخليجي حزنهم الشديد عليه من خلال تغريداتْ على حسابآتهم الشخصية "فيس بوك وتويتر". ** كلمة أخيرة: لغة الاعتراض على الموت تشعرني بالضعف.. ولكن لغة الايمان بالقضاء والقدر تشعرني دائما بالقوة.