16 سبتمبر 2025

تسجيل

الاستثمارات العربية المهجرة.. وطريق العودة

30 يوليو 2014

علامات استفهام كثيرة يجب أن نقف عندها عندما نقرأ بروية حجم الاستثمارات العربية المهاجرة للخارج والتي تقدر بمئات المليارات، التي يصعب توافر أرقام دقيقة عنها حتى الآن، نتيجة لافتقادنا في حياتنا العربية للكثير من المعلومات الأساسية عن جوانب هامة في حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل وفي قراراتنا بصفة عامة، خاصة بما يتعلق بقواعد المعلومات الدقيقة والحديثة والتي تساعد على التنمية الاقتصادية الحقيقية واتخاذ القرارات القائمة على الإحصاءات والأرقام والمعلومات الموثقة، بالإضافة إلى طبيعة هذه الاستثمارات حيث يحرص معظم أصحابها على إضفاء طابع السرية عليها، والتي يساعد عليها طبيعة النظام المصرفي العالمي، بالإضافة إلى أن معظمها استثمارات تتسم بالسيولة وتتركز في أسواق الأسهم والسندات في البورصات العالمية، وإن كانت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار تقدر الاستثمارات العربية بالخارج ما بين 800 و1000 مليار دولار، في حين يقدرها مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بـ 2400 مليار، معظمها من فوائض العائدات النفطية العربية، التي تستثمر في أوروبا الغربية والولايات المتحدة، وأيا كان حجم هذه الأموال المهاجرة فيبقى السؤال حول لماذا هاجرت هذه الأموال؟ وكيف يمكن استعادتها؟ وضخها في الاقتصاد العربي مرة ثانية، ولاسيَّما إذا كانت ديون العالم العربي تبلغ حوالي 560 مليار دولار، وعموما هذه الأرقام قد تكون مجرد تقديرات لباحثين ومحللين اقتصاديين وبعض المراكز والمؤسسات الاقتصادية، ويشارك فيها صندوق النقد العربي، ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية، والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار، وهي تكاد لا تتفق على رقم تقريبي لحجم الأموال العربية المستثمرة في الخارج برغم ضخامتها.وهنا تكمن الخطورة لأن هذه الأموال والاستثمارات تستثمر في اقتصادات غير عربية، وتنعكس آثارها السلبية على الاقتصادات العربية التي يضعف اقتصادها، وعلى حجم هذه الأموال التي تتعرض لعدة أخطار من أهمها تناقص القيمة الحقيقية لهذه الأموال بسبب معدلات التضخم التي تجتاح العالم، أيضا مخاطر الإفلاس التي قد تلجأ إليها بعض البنوك والشركات والمؤسسات المالية المتخصصة، للتهرب من التزاماتها تجاه المستثمرين سواء أكانوا أفرادا أم حكومات، كما أصبحت هذه الأموال خاصة تلك التي في البنوك الأجنبية وسيلة ضغط على الدول العربية وليس العكس، من خلال تجميد الودائع، أو استخدامها في إنقاذ بلاد أجنبية من الإفلاس، رغم الحاجة الماسة للاقتصادات العربية حتى ولو لجزء منها فقط، ولاسيَّما في هذه الفترة الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية نتيجة للتحولات السياسية التي أحدثت انقلابا كبيرًا على الواقع الاقتصادي والاجتماعي في معظم القطاعات، وكانت سببًا مباشرًا لتراجع الأداء الاقتصادي، وتراكم الديون والعجز في الموازنات واستشراء البطالة، والتي بلغت بحسب تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا"، أكثر من 20 مليون عربي، معظمهم من الشباب، وإلى جانب أنها طاقات وموارد بشرية مهدرة، إلا أنها تعد قنابل موقوتة تهدد الأمن الاجتماعي على المدى الطويل، وهذا يحتم ضرورة البحث الجاد عن طريق لعودة الأموال والاستثمارات العربية والخليجية في الخارج للاستفادة منها في المشروعات الاستثمارية الجديدة التي تتضمنها الخطط الاقتصادية العربية المستهدفة في الخمس سنوات القادمة على الأقل، وأعتقد أن ذلك يحتاج إلى إرادة سياسية حاسمة وواعية لخطورة الوضع في الاقتصادات العربية إذا استمرت تدفقات الاستثمارية العربية للخارج بتلك المعدلات المرتفعة.