11 سبتمبر 2025
تسجيلتأثر الاقتصاد العالمي سلبيا بمشكلة زيادة معدل العجز بموازنات دول الاتحاد الأوربي، والتي بلغ متوسطها خلال العام الماضي 5ر4 %، مع وجود عجز بموازنات 24 دولة مقابل وجود فائض بموازنات ثلاث دول فقط، هي: أستونيا والمجر والسويد من بين دول الاتحاد الأوربي السبع والعشرين. ومن بين 212 منطقة بالعالم خلال العام الماضي، فقد شهدت 165 منطقة منها عجزا في موازنتها الحكومية مقابل وجود فائض في 44 دولة، وحدوث توازن في موازنات ثلاث دول صغيرة، ومن هنا فقد بلغ المتوسط العالمي لدول العالم وجود عجز بنسبة 1ر4 %. ومن بين 21 دولة عربية فقط لحق العجز بموازنات 16 دولة مقابل فائض في خمس دول، وفي الدول الإسلامية كان العجز هو المهيمن على موازنات حكوماتها فيما عدا حدوث فائض في الموازنة الإيرانية، وبالقارة الإفريقية كان العجز هو المهيمن على موازنات الدول. وإذا كان الاتحاد الأوربي قد وضع حدا نسبته 3 % للعجز بالموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي، لقبول الدول الأوروبية في عضويته، فقد تخطت عدة دول ذلك الحد خلال العام الماضي، حيث بلغت نسبة العجز إلى الناتج 1ر13 % في أيرلندا، و1ر9 % في اليونان و5ر8 % في إسبانيا و3ر8 % في المملكة المتحدة،كذلك شهدت دول أخرى تخطي ذلك الحد منها سلوفينيا وقبرص وليتوانيا وفرنسا ورومانيا وبولندا. وتتضمن خريطة دول الفائض بالموازنات دوليا خلال العام الماضي خمس دول عربية احتلت مراكز متقدمة، في نسب ذلك الفائض حيث جاءت الكويت في المركز الثالث دوليا بنسبة 4ر28 % للفائض إلى الناتج المحلى الإجمالي، والسعودية بالمركز السادس بنسبة 1ر14 % وقطر بالمركز السابع دوليا بنسبة 3ر13 % للفائض بالموازنة الحكومية إلى الناتج، وسلطنة عمان بالمركز التاسع بنسبة 10 % والإمارات العربية بالمركز الثامن عشر بنسبة 5 %. وبالطبع يعود السبب الرئيسي للفائض بتلك الدول الخمس إلى ارتفاع الإيرادات البترولية، في ضوء ارتفاع متوسط سعر البرميل من نحو 79 دولارا للبرميل بالعام الأسبق إلى 104 دولارات للبرميل بالعام الماضي. إلا أن صادرات البترول لم تكف وحدها لمقابلة المصروفات المتزايدة في عدد من الدول المصدرة للبترول ومنها الجزائر بنسبة عجز 5ر2 %، واليمن 10 % والعراق 6ر11 %. وكانت أعلى نسب العجز بالموازنات دوليا بالعام الماضي في ليبيا بنسبة حوالي 38 %، نتيجة توقف صادرات البترول بها خلال فترة أحداث العنف التي انتهت بالإطاحة بالرئيس السابق القذافي، وأزربيحان حوالي 18 % والضفة الغربية 16 % والمالديف 5ر14 %. ويعد السبب الرئيسي للعجز بالموازنة هو زيادة المصروفات الحكومية عن الإيرادات الحكومية، وهي الإيرادات التي تأتي من الضرائب والمنح الخارجية التي تحصل عليها الدولة والفوائض التي تحققها الجهات والمؤسسات المملوكة للحكومة. وعادة ما يكون للضرائب نصيب ملحوظ في تلك الإيرادات في ضوء تعدد أنواعها ما بين ضرائب على دخول الأشخاص والشركات، وضرائب على القيمة المضافة وضرائب غير مباشرة ورسوم جمركية. ومن الطبيعي أن تتأثر تلك الإيرادات بمتغيرات الأحداث، فقد ظلت ليبيا تحقق فائضا في موازنتها نتيجة ما تحصله من إيرادات نفطية وعندما توقفت تلك الصادرات تحول فائض الموازنة إلى عجز، وهو الأمر نفسه لبعض الدول المصدرة للبترول عندما يتراجع سعر البترول بشدة فتقل إيراداتها عن مصروفاتها الثابتة والمتزايدة. وتتنوع المصروفات الحكومية مابين دفع أجور الموظفين العاملين بالحكومة ونفقات الدفاع والأمن والمعاشات، إلى جانب نفقات مستلزمات الجهاز الحكومي والاستثمار في البنية الأساسية من طرق ومياه وكهرباء وصحة وتعليم، وكذلك الدعم الذي تقدمه للسلع والخدمات وفوائد وأقساط الدين الحكومي. وقد تلجأ بعض الحكومات لزيادة الإنفاق عمدا مع بعض الاقتراض لتحقيق النمو، وإنعاش السوق والمزيد من التشغيل، إلا أن الأمر يجب ألا يطول حتى لا ينعكس في شكل زيادة للدين الحكومي تزيد مخصصاته ضمن إنفاق الموازنة، مما يؤثر على الاستثمار الحكومي ويؤدي للوقوع في عجز مزمن للموازنة. وتشهد الدول العربية غير البترولية عجزا مزمنا في موازنتها مثل الأردن ومصر وتونس والمغرب ولبنان وجيبوتي والصومال، حيث بلغت نسبة ذلك العجز بالعام الماضي حوالي 10 %بمصر و5ر9 % بسوريا و6 % بلبنان و8ر5 % بتونس و7ر5 % بالمغرب. كما تشهد غالبية الدول المتقدمة معدلات عالية من العجز بموازناتها خلال العام الماضي، لتصل النسبة 9ر8 % باليابان و6ر8 % بالولايات المتحدة، كما شمل العجز كندا وإنجلترا وإيطاليا وألمانيا. ويتسبب العجز في ضعف الاستثمار الحكومي وصعوبات رفع الأجور إن لم يؤد لتقليل العمالة الحكومية، والتقليل من الدعم وبالتالي الاتجاه لزيادة الضرائب مما ينعكس على الدخول.