25 سبتمبر 2025
تسجيليا الله ليس لنا غيرك يا الله.. هتاف السوريين الأحرار الذي غدا الأغنية الوحيدة المؤثرة والمعبرة جداً عن كل ما يدور في حناياهم بعد أن أدركوا بتجربة الواقع بألاعيب السياسة والتصريحات الجوفاء أنه وحده الله تعالى الملاذ الآمن الذي يجب أن يلجؤوا إليه بعد العمل ويحتموا بكنفه، فقد بات أقل من القليل في هذا المجتمع الدولي البارد الباهت من يلتفت إلى مآسيهم المرة المتفجرة في كل بقعة من ربوع وطنهم الكبير، وخصوصا اليوم في العاصمتين السياسية والاقتصادية دمشق وحلب، مما يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن هذا العالم لا يكترث حقيقة بدماء الضحايا مهما جرت أنهارا وكل يوم بلا أي انقطاع وأن التشدق بما يسمى حقوق الإنسان والدفاع عنها ما هو إلا ذر للرماد في العيون وضحك على الذقون، وأن الغرب وعلى رأسه أمريكا والشرق وعلى رأسه روسيا ليس لهم إلا هدف واحد هو الحفاظ على أمن إسرائيل في الشرق الأوسط لأنها البلد المدلل الذي يجب ألا يمس بأي سوء وخطر، وقد أعطت الدول الكبرى المدافعة عنها الضوء الأخضر عمليا لبشار الأسد الجزار أن يجرم ويجرم في حق شعبه المظلوم الثائر ليخمد ثورته ويفض حراكه ويبقى هو نفسه بآلة القمع الجهنمية حارسا لأمن الصهاينة لأن بقاءه مصلحة إسرائيلية حقيقية كما قال نتنياهو في تصريحه مؤخراً، ولذلك فإن أركان العدو الصهيوني السياسيين والعسكريين بل رهبانهم إنما ينشطون ويصلون صباح مساء أن يحفظ لهم هذه العصابة التي لم تقتل واحدا منهم منذ عقود في حين أنها أذاقت شعبها ويلات جهنم جرحا واعتقالا وتشريدا واعتداء صارخا على الشيوخ والنساء والأطفال وأصبح جيشها المدافع الوحيد عن تلك العصابة ضد الوطن والمواطن وتخلى عن أي دور له في مهمته الاساسية ضد الصهاينة وتحرير الجولان المحتل، هذا هو مربط الفرس وبيت القصيد، وقد سألت أحد السياسيين الكبار الناشطين في الأمم المتحدة ومجال حقوق الإنسان، هل لو كان سكان سوريا من اليهود الصهاينة تحديدا يمكن أن يتركوا هكذا لمصيرهم وحدهم يواجهون النار والدمار يوميا وعلى مدى عام ونصف دون أي تدخل حاسم من المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة ومجلس الأمن ومراكز القرار؟ فكان جوابه بعد بسمة مفهومة: الجواب عندك يا سيدي! أجل لو حدث مثل هذا للصهاينة لتحرك العالم كله ليل نهار وبأقصر مدة لحسم الأمر لصالحهم، أما نحن المسلمين، والعرب فليس لهم نحونا إلا المؤتمرات والتصريحات الفارغة والتحذير المستمر واللعب على مشاعر الجماهير وهكذا فإن حمزة لا بواكي له، بل حتى الدول العربية والإسلامية بل معظم شعوبها إلا أقل القليل غدت في هذه الدائرة غافلة ودون أي تضامن حقيقي يوقف الطاغي عند حده بجميع الوسائل الممكنة فأين المواقف الجريئة العملية لدى معظم حكام العرب والمسلمين وأين مد الشعوب الهادر الذي يقتلع بهبته كل هذه الفقاعات الجرثومية وتلك الطحالب المعوقة التي تنفث سمومها في الماء والورد والربيع العربي؟! وكم كان موقف أمير قطر عمليا حين دعا إلى تدخل قوات عربية لإيقاف المجازر والعنف الخطير في سوريا، ولكن المتآمرين التفوا على هذا الاقتراح وغيبوه لأنه ليس في صالح إسرائيل ولا الأسد، ولو قدر لهذا الطرح أن ينفذ لما استمرت هذه المجازر المتوالية يوميا على طول البلاد وعرضها، نعم إن معظم المجتمع الدولي يعمل بشكل مباشر أو غير مباشر على المزيد من قتلنا حتى تضعف سوريا وتنتهك ويبقى المنتصر الوحيد إسرائيل ودول المصالح والمنافع التي انحطت كما انحط الأسد نفسه إلى الدرك الأسفل في الرسوب الأخلاقي الذي لن ينساه التاريخ المعاصر المتبجح بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وإن مما يدعو للسخرية أن يطلع علينا المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي ليقول لنا إن أمريكا قلقة لما قد يحدث لمدينة حلب من مجزرة ولكن لا يمكن أن تقارن وضعها بما حدث في بنغازي ليبيا إذ إن الخطر هناك كان قادما من كتائب القذافي وهنا في سوريا من الجيش النظامي، فعلى من يضحك؟! أليست النتيجة واحدة وهي إبادة المدنيين وتهجيرهم، أم لأن ليبيا بلد نفطي ويسيل لعاب هؤلاء لبتروله، أو لأن ليبيا- وهذا هو الأرجح- ليست مجاورة لإسرائيل ولا تشكل مصدر ازعاج لها بعكس الشام الذي يجب أن يقضى عليه في سبيل الحفاظ على أمن الربيبة المدللة، وهذا هو ما صرح به أوباما ومنافسه الجمهوري أمس من أن أمن إسرائيل خط أحمر، ثم كان ما يدعو إلى الاشمئزاز من موقف أمريكا أنها لا يمكن أن تتدخل في سوريا لأجل مجزرة!! وكذلك فإن المقصود الآخر فيما لو حدث تقسيم سوريا إلى دولة علوية في الساحل ودولة سنية في الداخل وهو سيناريو مطروح في النهاية ولذلك فإن بشار الجزار يمعن في القتل ويوغل لأنه مطمئن أنه سيلجأ إلى جبال الساحل ولن يستطيع أحد أن يمسه بسوء، وسيبقى رئيسا لدولة أول من يدعمها إسرائيل ولبنان وحزب الله وروسيا وإيران ليصبح السنة في الداخل رغم كل التضحيات التي تنهكهم بين فكي كماشة من الصهاينة والعلويين ولن يستطيعوا أن يجابهوا العدو وهم ضعفاء فتتحقق بذلك أمنيات العصابة الأسدية وأمنيات الصهاينة معا إذ إنهما يجذفان في قارب واحد وهذا ما حكاه لنا التاريخ عنهما وما أشبه الليلة بالبارحة وهذا هو المقصود ومن هنا فإننا نجد وزير الخارجية الروسي الحاقد سيرغي لافروف مطمئنا لمثل هذا السيناريو وهو الذي صرح بأنه يخشى صعود السنة إلى الحكم في سوريا ولا ريب أن اللوبي الصهيوني في روسيا يفعل فعله الحقيقي الذي يترجمه لافروف وفي المنحى نفسه يصب الاجتهاد الأمريكي وذلك عندما طلع أوباما علينا بتحذير الحكومة السورية أن تفكر مجرد التفكير في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد التدخل الخارجي، ولكنه لم ينبس ببنت شفة بمثل هذه المبادرة منذ أن جرت أول قطرة دم من شعبنا إلى أن غدت شلالات بل أنهارا! وهل تصدق العصابة الأسدية أنها لن تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد معارضيها في الداخل والحال أنها استخدمت بعضها فعلا وكل ما هو محرم دوليا كالقنابل المسمارية والطلقات الجرثومية وقد رأينا باعيننا من أصابهم العمى بذلك ومن قتلوا بعد يوم أو يومين تأثرا بالعيارات الجرثومية، أنا لا اعتقد أن أمريكا مهتمة جديا بمأساة الشعب السوري كما هي روسيا والدول المعادية ولا حتى من يسمون أنفسهم بأصدقاء الشعب السوري إذ كيف هم أصدقاؤنا ونحن كل يوم نذبح ولا مغيث إلا الله كما يردد المتظاهرون وأحرار شعبنا البطل.. إن المعارك الطاحنة التي دارت في دمشق وتدور في حلب اليوم سوف تثبت عصاميته واعتماده على نفسه بعد تآمر هذا العالم لا تخاذله وتهاونه فحسب ولكن التاريخ سوف يثبت أن قذائف الاسد وراجماته وطائراته وبوارجه لن تكون حائلا أمام زواله مهما طال الوقت وعظمت التضحيات فالعودة إلى الوراء مستحيلة والراقصون على جراحنا والمتفرجون هم أيضا سيغرقون بالقاصمة حلب والقاضية دمشق على أيدي الجيش الحر كما هي سنة التاريخ.