11 سبتمبر 2025
تسجيليلاحظ اهتمام بعض الرؤساء الأمريكان وخاصة آخر ثلاثة رؤساء ابتداءً بأوباما وانتهاءً ببايدن، ومروراً بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذين قاموا ويقومون قريباً بزيارات رسمية تاريخية للمنطقة العربية، فبدأ الرئيس أوباما في بداية فترته الرئاسية بزيارة للقاهرة في 4 يونيو 2009 ليلقي خطاباً موجهاً للعالم الإسلامي في رحاب جامعة القاهرة، يعرض فيه مقاربة جادة كما يزعم للسلام في الشرق الأوسط، وبدأ خطابه بلهجة عاطفية يخاطب بها الوجدان العربي الإسلامي، ويطالب بفتح صفحة جديدة بين العالمين الغربي والإسلامي، ويُغني على أوتار العناصر والمبادئ المشتركة بين أمريكا والعالم الإسلامي مثل مبادئ العدالة والتقدم والتسامح وكرامة كل إنسان، مما يثير التساؤل من جهة والتعجب من جهة أخرى. فهل هذا السجال في خطاب أوباما هو اعتراف منه شخصياً بما بيننا من نقاط تلاقٍ أم هو تغنٍ وتغزل بالشعوب والأنظمة العربية والإسلامية لحاجة في نفس يعقوب؟. وفي خطابه أشار أوباما إلى القضية الفلسطينية، حيث قال في الفلسطينيين كلاما لم يقله من قبله أحد من الرؤساء الأمريكيين، فتحدث بوضوح وصراحة غير معهودة عن معاناة الشعب الفلسطيني، فقال بالحرف الواحد نصاً "لقد عانى الفلسطينيون لأكثر من ستين سنة من التهجير، حيث بقي العديد منهم ينتظر في مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية وفي غزة والأراضي المجاورة، يحلمون بحياة يسودها السلام والأمان لم يذوقوا طعمها أبداً، ويذوقون مرارة الذل يومياً بشتى أنواعه على يد الاحتلال. لذلك، علينا أن نقول صراحة إن وضعية الشعب الفلسطيني لم تعد تُحتَمل. ولذلك أيضاً، لن تدير أمريكا ظهرها في وجه تطلعات الفلسطينيين الشرعية للعيش في كرامة داخل وطن خاص بهم" (فواز جرجس 13 يونيو 2009). وبذلك يكون أوباما قد وعد وعوداً لم يف بها، فلم يتحقق السلام، ولم يتوقف الاستيطان، ولم تُحل الدولتان، وعلى عكس ما وعد أوباما، فقد أدارت أمريكا ظهرها للشعب الفلسطيني. وعلى الرغم من ذلك، ولمجرد تغني أوباما بالسلام وتفوهه بالحق في العيش بسلام للفسطينيين، فقد تأهل الرئيس أوباما لنيل جائزة نوبل للسلام، ونالها بالفعل دون أن يُحرك ساكناً في مسألة السلام وحل الدولتين، ولم ينل الفلسطينيون في المقابل حقهم في دولتهم. وليس غريبا أن يخرج أوباما من المنطقة دون تحقيق أي من هذه الوعود، بل الغريب أن تبدأ إرهاصات ومقدمات الفوضى الخلاقة في عهده، وذلك إيذاناً بتشكل الشرق الأوسط الجديد الذي وعد به بوش الأب من قبل إبان حرب تحرير الكويت. فهذا هو الرئيس الأمريكي أوباما يخرج من المنطقة بكارثة الفوضى الخلاقة وتشكيل الشرق الأوسط الجديد، إذن خرج أوباما بكارثة عربية، ونال جائزة دولية. وتنتهي فترة أوباما، لتدخل مرحلة الرئيس الأمريكي الثاني دونالد ترامب الذي قرر أن يزور المنطقة في أول رحلة له كرئيس خارج أمريكا متوجهاً إلى المملكة العربية السعودية، وبدأت مراسم الترحيب والاستقبال بقدوم الضيف الجديد لعل في زيارته مستقبلاً واعداً جديداً للمنطقة العربية، ولم يحدث إلا عكس ذلك، فقد تأثرت ميزانيات الدول الخليجية، واندلعت الأزمة الخليجية، وشُق الصف الخليجي، ومن بعده الصف العربي. والخلاصة، خروج ترامب من المنطقة بكارثة أخرى. فالكوارث العربية مقترنة بزيارات الرؤساء الأمريكيين، فهل تحدث كارثة أخرى بقدوم الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن للمنطقة، وإنشاء تحالف عربي إسرائيلي بقيادة أمريكية لمواجهة التهديد والخطر الإيراني. فالإجابة، نعم ستحدث كارثة نتيجة لزيارة الرئيس جو بايدن للمنطقة، فالتحالف العربي الإسرائيلي المرتقب في حد ذاته كارثة تدفع المنطقة برمتها إلى التوتر والخطر وعدم الاستقرار الذي يدفع ثمنه الخليجيون والعرب بشكل عام، وفلسطين والفلسطينيون بشكل خاص. فالتحالف العربي مع إسرائيل ما هو إلا مكر يمكرونه لتحقيق مبتغاهم، ولكن الله أشد مكراً وأشد تثبيتاً. فالتحالف المرتقب كما يدعون تقوده أمريكا في البداية، وتقوده إسرائيل في النهاية. ولن يكون للعرب إلا السمع والطاعة، وهذا يعني تخلي الأمة عن قضاياها وأولوياتها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وترك الفلسطينيين وحدهم دون عون ولا سند ولا ناصر ولا نصير إلا الله سبحانه وتعالي في مواجهة الطغيان والهيمنة والعربدة الإسرائيلية اللامسؤولة، واللامحدودة على الإطلاق، حيث لا حسيب ولا رقيب، ولا حساب ولا عقاب. فالتحالف العربي الإسرائيلي يعني التغلغل الإسرائيلي في المنطقة، والهيمنة والسيطرة على الأمة العربية وخصوصياتها وقضاياها الرئيسية، مما يعني بعبارة أوضح وأفصح تسليم الأمة العربية لإسرائيل. وهذه هي الكارثة الكبرى حيث الفرصة الثمينة السانحة للتحكم الإسرائيلي في مفاصل الأمة ومقدراتها وأمن المنطقة لما فيه المصلحة الإسرائيلية في نهاية المطاف. ولذلك، ندعو الله عز وجل أن يحفظ الأمة ويُفشل هذا المخطط، ليعود بايدن إلى داره بخفي حنين. المراجع: فواز جرجس (2009). قراءة في خطاب أوباما في القاهرة واستراتيجيته الشرق أوسطية. 13 يونيو 2009. كلية التربية – جامعة قطر [email protected]