19 سبتمبر 2025

تسجيل

مجتمع الرحمة في المدينة الفاضلة

30 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الناظر إلى سلوكيات المعتمرين والحجّاج في مواسم الحج وزيارات العمرة إلى الأراضي المقدّسة،وتحديدا في المسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنوّرة،يلحظ ذلك المجتمع الإنساني والأخوي الذي دعا إليه الدين الإسلامي الحنيف .الكلّ في خدمة ومساعدة الكل، من كلّ الأعراق والألوان، الغني والفقير ،الرجل والمرأة، يجسّدون قول الرسولُ اللهِ صـلى اللهُ عليهِ و سلـم : " لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلّا بالتقوى"،هذا هو الإسلام دين المساواة ،والتسامح والتعاون في كل شيء بين المعتمرين أو الحجّاج ،أنّه مجتمع المدينة الفاضلة . أما أولئك الإخوة الذين يتتبعون مسار المعتمرين والحجاج في باحات المسجد الحرام والمسجد النبوي ،فالناظر إليهما عبر المحطات الفضائية، يمتليء قلبه برهبة الإيمان والخشوع ،وهو يرى عباد الله يمشون على الأرض هونا ، وكلّ يمدّ يده لمساعدة الآخر ، ولإفساح الطريق له للمرور ،وتقشعر أبدان المشاهدين وهم يرون عباد الله وهم يجولون بدوارق الماء المملوءة بمياه زمزم،والأباريق المليئة باللبن السائل تدور على المعتكفين ،والصائمين تطوعا ،في باحات الحرم عند حلول موعد الإفطار ،إلى جانب من يوزعون التمور على الطائفين والركّع السجود .هذا هو المجتمع الإسلامي،مجتمع الودِّ والتراحم والصفاء والتعاون والاحترام، وهذا هو عين ما دعا إليه محمد (صلى الله عليه وسلم) رعيته بقوله:"مَثَلُ المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى«" وقوله أيضا:" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وما أجمل ذلك المشهد في صحن الطواف عندما حمل شاب سيدة عجوز دون سابق معرفة ،كانت تتثاقل في مشيتها حول الكعبة المشرّفة ،فما كان منه أن حملها على ظهره ليكمل لها أشواط الطواف مع الطائفين ،وهذه حكاية سجلتها صحيفة (الشرق) لحج العام الماضي 2015 . بهذا المنهج بنى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مجتمع الرحمة والمحبة والتعاون. بالكلمة الطيبة، وبالمصافحة الودود، وبالمحبة الصادقة، وبإفشاء السلام، وبنصيحة المسلمين بعضهم بعضاً.. لكن هناك من هم ضعاف الإيمان ،أو الجهلاء في أمور الدين والعقيدة ممن يتلهون بالتصوير والتقاط الصور الشخصية ،أو صور للأماكن إن كان في الحرم المكي أو في المسجد النبوي ،والأحرى والأجدى قضاء الوقت بالعبادة والذكر ،والاستغراق التام في الخشوع والدعاء . هذه الظاهرة انتشرت بشدّة بين البعض من الحجاج والمعتمرين الذين يطوفون ببيت الله الحرام في السنوات الفائتة ، أو الانشغال بالاتصالات الهاتفية بالجوال بتحديد أماكنهم في الحرم لذويهم ،أو تلقي مكالمات عبره بأصوات عالية تخترق أسماع جوارهم في الطواف أو السعي .الآن تطور الأمر فقد بات البعض من الحجاج أو المعتمرين ينشغل بالتصوير (سيلفي) أمام الكعبة ، وفي الحرم النبوي وأمام قبر رسول الله عليه الصلاة والسلام وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وعند رمي الجمرات، وفي منى وعلى جبل عرفات ،وعند مرتفع الصفا والمروة، يأخذ لنفسه صورة (سيلفي)، وكأنه يقول لناسه وأصحابه، وجيرانه، ورواد الفيس بوك شايفني وأنا بحج،وهذا على ما أعتقد لا ينفصل عن حج الرياء والسمعة، ثم أين الخشوع، أين الخضوع، أين الأوبة والتوبة،وأين استحضار العبد لذنوبه، وصوت الضمير الديني يردّد حجّ يا حاج ، بل أين الحج يا حاج؟ ...يتبع.