12 سبتمبر 2025
تسجيلكنت أسمع منذ صغري عن الشيخ المبارك شيخنا أبوبكر جابر الجزائري ، فكثيرا ما سمعت جدي يقول : كنا إذا ذهبنا للحرم حضرنا درس الشيخ أبوبكر، فتاقت نفسي لحضور درسه الذي يعتبر من أقدم دروس الحرم النبوي الشريف.فعندما دخلنا الحرم كان قد حان وقت أذان المغرب فصلينا المغرب بالقرب من كرسي درس الشيخ الذي تم تحويله إلى مكانه بعد أذكار الصلاة الراتبة وبدأ الناس يتحلقون حوله في انتظار قدوم الشيخ الذي كنت أنظر إليه يذكر الله ثم صلى ركعتين على كرسيه المتحرك بسب كبر سنه وتقدمه في العمر، ولما وصل الشيخ حملوه إلى كرسي الدرس، وجلس بهيبته ووقاره ،وبهيئة ملابسه البيضاء ، وهي عادته في لبوسه في ثوبه وغترته ومشلحه وحتى نعله.بدأ الشيخ درسه بالسلام على الحضور ، ثم حمد الله وصلى على نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصوت مترنم جميل يأخذ القلوب إلى علام الغيوب، ثم شرع أحد طلبته في قراءة من كتاب الشيخ "هذا الحبيب يا محب" ، ثم قرأ بعدها من كتاب "المسجد" وهو من تأليف الشيخ أيضا وكان الشيخ يعلق و أحيانا يأمر القارئ بالإعادة حتى يتأكد الكلام في نفوس الحاضرين و بعدها يأمر الناس بالتوجه إلى القبلة و يدعو بدعاء رائع جميل مؤثر و ينصرف الشيخ بعده إلى الصف الأول وله مكان معهود معروف ينتظر أذان العشاء والصلاة فيه، وقد كنا نحرص على حضور دروسه في التفسير و الحديث و الوعظ و كان فيها خير و بركة.و ممن درسنا عليه في الحرم النبوي الشريف شيخنا الفقيه الذي لا يخشى في الله لومة لائم ، عميد كلية الشريعة الأسبق الشيخ محمد الناصر السحيباني حفظه الله و نفعنا بعلمه وقد تعرفنا عليه كذلك عن طريق الشيخ الطويان ـ جزاه الله عنا خيرا ـ وذلك أنه شفع لنا عند الشيخ للقراءة عليه فقبل الشيخ شفاعته ، و قال ماذا تريدون من الكتب فقلنا "دليل الطالب" للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي فأجابنا إلى ذلك، و قال أحضروا الكتاب إلى الحرم و قال أحدكم يكون قارئ الحلقة في الحرم فقلت للشيخ عبدالعزيز أقرأ أنت، فقال لا يقرأ غيرك.فكنت اقرأ في البيت مقطع الدرس و أردده قبل أن نذهب إلى الحرم للقراءة على الشيخ بعد صلاة المغرب بين الحصوتين في الكرسي الأول الذي يتناوب عليه كبار العلماء كالشيخ حسين آل الشيخ و الشيخ علي الحذيفي و غيرهما كالشيخ السحيباني، و ممن درس فيه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله و الشيخ السديس رئيس الحرمين. و كانت عادتي في القراءة على المشايخ التلحين و خاصة الشيخ حسين و الذي يدرس في نفس الكرسي ليسهل الحفظ و التركيز لدى الطلبة و الحضور ِإلا أني تركت ذلك لنصيحة الشيخ السحيباني بعدم التلحين حتى لا نتوافق مع الروافض في موالاتهم فعملت بكلام الشيخ .و كان درس الشيخ مركزا ومؤصلا ، يقوم بعده بالفتوى، و تمتاز فتاوى الشيخ بالقوة و الجرأة في الطرح ؛ جزاه الله عنا خيرا .و ممن كان يحضر معنا الزميل الإماراتي الذي نجتمع معه في الدرس و الكلية وإن كان يسبقنا بسنة و الله أعلم وهو فضيلة الشيخ سالم العامري أمين محكمة الشارقة الشرعية حاليا و ما زالت العلاقة به وطيدة وقوية و الحمد لله.