29 أكتوبر 2025

تسجيل

ما أهم انعكاسات انقلاب السيسي... على الحالة السورية!؟

30 يونيو 2014

لم يعد خافيا على أحد أن مظاهرات 30 يونيو عام 2013 التي تمر ذكراها الأولى بعد عام في مثل هذا اليوم والتي دبرها السيسي وآخرون بالتآمر مع دول إقليمية وعالمية وعلى رأسها إسرائيل وأمريكا وبعض الدول العربية. إنما كان المراد الحقيقي منها القضاء على ثورة 25 يناير 2011 في مصر مع القضاء على جماعة الإخوان المسلمين متمثلا بالانقلاب على شرعية الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي على أسس ديمقراطية شهد بها الداني والقاصي لأول مرة بعد الحكومات العسكرية السابقة ولو أنعمنا النظر قليلا وتذكرنا أن إسرائيل والغرب لن يسمحوا استراتيجيا بنجاح أي ثورة تفضي إلى الديمقراطية في بلادنا عموما والمتاخمة منها لما يدعي الكيان الصهيوني خصوصا بأي حال من الأحوال لضمان مصالحهم وأمن هذا الكيان الذي هو خنجر مسموم في قلب الأمة العربية والإسلامية. لما وجدنا عجبا في ذلك أبداً والدليل على ما نقول هو ما صرح به المفكر اليهودي المغربي الأصل في حلقة يوم الأربعاء 18/6/2014 لبرنامج بلا حدود في قناة الجزيرة جاكوب كوهين إذ أبان لأحمد منصور والسامعين الدور الذي قامت به إسرائيل والغرب في إفشال الثورة المصرية وإسقاط حكم الإخوان المسلمين في مصر لأن ذلك يشكل خطرا عليهم حيث كان مشروع الإخوان يتمثل في الهوية العربية ثم قطع العلاقة مع إسرائيل مستقبلا. وبالتالي بدأ العمل لمناهضة ذلك والإعداد لانقلاب عسكري. وأضاف: أنه بوصول السيسي لرئاسة مصر تشعر إسرائيل بالارتياح بعد أن أسهمت في إيصال نظام حليف بل وخادم لها إلى سدة الحكم ليقوم بتنفيذ إرادتها! أقول: بل قامت بعض الاحتفالات في إسرائيل ابتهاجا بالأمر ووزعت الحلوى فرحا بذلك! ولاشك أننا قرأنا ما قاله المحلل العسكري الصهيوني "روني دانئيل" في حوار له على القناة الصهيونية الثانية حيث كشف أن السيسي أبلغ إسرائيل بالانقلاب العسكري قبل ثلاثة أيام ولم يخف وجود اتصالات مكثفة منذ فترة بين السيسي والبرادعي والحكومة الصهيونية وقال: إن الانقلاب جيد لإسرائيل بل هو مطلب ملح لأمنها وأضاف: إن إسرائيل وعدت بالمساعدة للاعتراف بالحكم الجديد من قبل الدول الغربية. ونصحت السيسي بضرورة هدم الأنفاق الموصلة إلى غزة وقد فعل الجيش المصري ذلك!.. كما أننا لا ننسى أن هيلاري كلينتون قد كشفت مع قناة الجزيرة أنه قد تم التآمر على حكومة الرئيس مرسي ودبر الانقلاب لذلك. وكان أحد كبار قادة الجيش الإسرائيلي قد قال بعد ذلك: لا عجب أن ينقلب الشعب على مرسي لأن هذا الشعب تعود على الطرب والغناء والرقص ومرسي يريد أن يؤخره عن التقدم أربعمائة سنة كما نشرت مجلة المجتمع الكويتية إبان الانقلاب! ومع هذه الأشياء أمر آخر مهم جدا وهو أن إسرائيل عرفت أنها بوصول مرسي للحكم لا بد لها أن تضاعف حجم موازنة الأمن وتطوير الجيش كما قامت بتدشين بناء جدار أسمنتي على الحدود مع مصر بكلفة 455 مليون دولار وغير ذلك من التكاليف التي سترهق الاقتصاد الإسرائيلي أما في حالة الانقلاب فقد أسهم السيسي بدعم هذا الاقتصاد من خلال درء التحديات التي حسب لها الصهاينة ألف حساب في حال بقاء مرسي بل كانت ستضطر إلى سياسة تقشف اقتصادية أما بعد السيسي فقد ألغتها كما أنه يجب ألا ننسى تشاور السيسي مع أوباما هاتفيا مرات قبل الانقلاب وبعده وإن كل هذا إنما يصب في مصلحة إسرائيل التي تآمرت وتتآمر على مصر وثورتها السابقة واللاحقة وهي نفسها التي تتآمر على الدول العربية عموما كما قال جاكوب في حديثه السابق مؤكدا أن هناك طرقا متعددة لإرغام الدول العربية على الخضوع للإملاءات الإسرائيلية وعدم تجاوز خطوطها الحمراء وأن إسرائيل نجحت في اختراق الأنظمة العربية ومثال ذلك تدخل مصر في ليبيا بطائرات مصرية ربما لدعم الجنرال حفتر مع أن السيسي زعم أن جيش مصر إنما هو لمصر فقط وكذلك التلميح الذي جاء للتغيير في تونس فهو يريد أن تكون مصر قائدة الثورات المضادة باعتبارها أكبر دولة عربية ومدعومة من بعض دول الخليج أي أنه يلعب الدور الهادم وليس الخادم في الشرق الأوسط وأما من باب الخصوص فقد أكد جاكوب بالنسبة للأزمة السورية أن لإسرائيل مصلحة في بقاء الأسد ونظامه كما هو لأنه يخضع لها ويقبل بخطوطها الحمر واستدل أنها احتلت الجولان منذ أربعين سنة ولم يطلق النظام عليها رصاصة واحدة. وبين أنه حتى لو خرجت سورية من أزمتها فستخرج مدمرة وستخضع للتناقضات الاجتماعية إلى الأبد ولكن مع ذلك -وكما أشرنا في مقالات سابقة - كيف أن نتنياهو يفضل بقاء الأسد وهو الذي فرح بقدوم السيسي كذلك لأنهما يتقاربان في الأهداف للتعامل مع إسرائيل وكذلك لتعاطي السيسي مع الحالة السورية الحكومة. أو الثورة وثمة بعض التشابه له مع بشار فكلاهما دخلا انتخابات رئاسية مضمونة النجاح كما رتب لها خارجيا وإقليميا ولم يكن لكل منهما منافس إلا من قبيل ذر الرماد في العيون وهو أمر مفبرك ومطبوخ مسبقا وكلاهما يتعاملان مع شعبيهما بعقلية مسلحة دكتاتورية قاتلة غير أن عاموس جلبوع المحلل العسكري الإسرائيلي اعتبر أن الأسد إنما جرى انتخابه رئيسا بأغلبية مطلقة على مواطن تقع تحت سيطرته التي تمت على خلفية مساعدة إيران وحزب الله والدعم الروسي القوي أما المواطن الأخرى في سورية فمازالت المعارضة تسيطر عليها ولكن السؤال المهم هو: ما مدى انعكاس الانقلاب على سورية والجواب: أن السيسي سيبقى على اتصال بالأسد للتنسيق السري حتى ولو أظهر نفسه الآن حياديا إذ لابد للشريكين أن يخدما أهداف إسرائيل والغرب. وإذا علمنا أن الخارجية المصرية استدعت شخصيات سورية معارضة لحضور ندوة في الخارجية المصرية فهو إنما لتعرف أنهم مراقبون للأحداث. ولكن المرجح أنه بحجة مقاومة الإرهاب سيكون التنسيق بينهما قويا ضد الثورة السورية سيما وأننا تأكدنا من وجود لجنة مشتركة بين البلدين لملاحقة الأحرار خصوصا الإخوان المسلمين وبالمقارنة فإنه في الحال الذي كان فيه الرئيس مرسي يقف موقفا واضحا من ظلم الأسد ثم دعا إلى مقاطعة وإغلاق السفارة المصرية في دمشق وطرد السفير السوري من القاهرة بل وجنح إلى موافقة العلماء في القاهرة- قبل الانقلاب بأيام -على الجهاد في سورية مما عجل في اتخاذ القرار بإطاحة حكمه. فإن الحال عند السيسي هو أنه أعاد كل شيء مع دمشق كما كان وهو يعرف اتصالات بشار بالحكم العسكري في مصر قبل مرسي. وصرحت حكومة الانقلاب بأن الجيش السوري الحكومي هو رفيق السلاح في حرب أكتوبر عام 1973!وينسى أولئك حوالي ألفي مجزرة قد ارتكبها هذا الجيش العقائدي الطائفي وأما من جانب آخر فكما أحسن مرسي التعامل مع الجالية السورية في مصر وهي حوالي مائتي ألف وسهل لهم كل شيء وخصوصا التعليم فإن السيسي قابل الجالية بالتعامل السيئ الذي لا يدل على نخوة ورحمة العروبة والإسلام وحدثت تصرفات يندى لها الجبين وإن كنا نرى بوادر التحسن مؤخرا ربما لتدخل السعودية التي تدعم السيسي وهذا قضاء الله وقدره. ولا نظن أن الانقلاب يأتي بخير على الشعب السوري والثورة السورية. إلا أن يوفق الله ثوار دعم الشرعية في مصر أن يقلبوا الموازين. وعلى كل حال فإن الشعب السوري سوف يحتمل كل هذه المصائب وتكالب قوى الشر في العالم حتى الرمق الأخير وسيكون في النهاية هو الأقوى وإن فقدان العدل في مصر وسورية لهو التربة الخصبة لدوام الثورات والبراكين كما كان يقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله.