16 سبتمبر 2025
تسجيل* من يدخل إلى المجمعات الاستهلاكية، والميرة، ومراكز التسوق يشهق حاسباً أن مجاعة قد حدثت، أو أن المجمعات قررت إغلاق أبوابها إلى أجل غير مسمى، فوجب التحرك بسرعة لتخزين ما يلزم بيت الداء "المعدة"، لكن مع انبساط الزبائن وتبادلهم التهاني يصحح ظنه بأن "عزال" الجمعيات في عربات أمر خاص بالضيف الحبيب الذي لا دخل له بكل ما يحدث من "أهوال" تخلي جيوب رب البيت حتى من الريالات! العربات طوابير تئن مما فوقها من لحوم، وخضراوات، وفواكه، وعصائر، وزيوت، وأجبان، وياميش، آه مهم جدا الياميش، غير العجائن، والتمور، والحلوى! بس؟ لا مش بس، بل الكثير مما يصعب حصره، والكثير مما لا يلزم أصلاً. أتأمل العربات التي تُجر قصراً ومئات الآلاف التي يتسلمها "الكاشير" ومعها يتساءل خاطري أين رمضان الجميل في كل ما نفعل؟ أين رمضان المعلم الذي يحاول صقل صبرنا ووضعنا في ظروف الفاقد، والمحتاج، والجائع لنربي النفس على الإحساس بآلام الآخر ونهذب شرهنا الذي كثيراً ما يكون عقابه تخدير الطبيب وقائمة حرمان تقول ممنوع من كذا، وكذا (وكذوات) كثيرة، بل التحذير من الأكل كخطر محقق لو اقتربنا منه (وخرفنا) ولم نلتزم، يعرف ما أقول مرضى السكر، والقلب، والكبد عافاكم الله، مضطرة مع مهرجان الشراء الجنوني في رمضان أن يتساءل خاطري عن كم طن يا ترى من جبال الطعام المحملة على عربات سيكون مصيرها حاويات البلدية المنتظرة أمام بيوتنا فوائض سرفنا؟ كم طن سنوفرها لفئران (حتلظلظ) وقطط ستسمن، وهوام ستشبع من موائدنا العامرة التي كان من الممكن جداً لو أننا اكتشفنا فلسفة رمضان في الصيام، لتحولنا إلى منفذ بر، يعين المعوزين والمأزومين لنكون أيادي خير تتبرع بقيمة ما نشتريه من أجل التشاوف، سفرة فلان كانت أروع من علان، وسفرة فلانة كانت كاملة مكملة وسفرة فلتانة كانت ناقصة كذا، وكذا، وكذا، أو ما نشتريه لمجرد الاعتياد على الشراء تحت شعار (موسم بقه وكل سنة وانتو طيبين!) مرة ثانية أمام السرف، والترف الحرام، والابتلاء بعدم الإحساس بمن يمكن أن يدخل وسط هذه الجموع ولا يشتري لأطفاله سوى الخبز وكرتونة بيض، وأسر كثيرة متعففة لن تقف في طوابير الجمعيات، ولن تطلب من أحد معونات رغم أعباء ضاغطة وأفواه صغيرة كثيرة تفتقد ما يكفيها! ولعله يكون مناسبا أن أدعو التليفزيون للمشاركة في رد سعار الشراء في رمضان، والذي سيتكرر قبل العيد وعليكم خير في توابع تغري السوق برفع أسعاره لمئات في المائة، وذلك بوضع صورة الطفل الإفريقي الجائع الذي يستطيع الناظر إليه أن يعد أضلاعه ضلعا ضلعا، وجميل أن نذكر بمن يفترشون خيام الإيواء في أي مكان هربا من موت يلاحقهم، وهم في أمس الحاجة للمساعدة، وعلى كل واحد منا أن يسأل نفسه بأمانة كم يأكل من مائدة إفطاره، وكم يرمي، وأن يستغفر الله كثيراً على نعمه التي لا يصونها ولا يحفظها ولا حتى يوصلها إلى مستحقيها، كل عام وحضراتكم بخير. * * * طبقات فوق الهمس* لمن يهمه الأمر* حديثا أصبحت الخرفان السوري، والأردني بالبطاقة للمواطنين فقط، زمان، أيام أول كان كيلو اللحم البقري الفاخر يباع بستة ريالات للجميع مواطن ومقيم دون أي تفرقة.* بمناسبة موسم استغفال الناس، وغشهم بدس الكثير من القديم والتالف في الجديد القليل، وبعد ضبط مواد لا تصلح للاستهلاك الآدمي نرجو من السادة في "حماية المستهلك" مراقبة عبوات الياميش التي يكثر فيها الغش وكذا المرور على (برطمانات) ورق العنب التي لا تصلح إلا للرمي في أقرب حاوية.* يا "حماية المستهلك"* كرتونة عصير الفيمتو وصلت إلى تسعين ريالاً على عهدة صديقتي، لما سألت صديقتي (ليه الفيمتو بالذات) قالت لأنه المشروب الأساسي على مائدة الإفطار في كل الخليج، هذه باختصار صورة من صور الاستغلال، يعطيكم العافية.* الجشع إذن كان وراء الارتفاع الجنوني لأسعار الأسماك في بلد السمك فيه وجبة أساسية كانت زمان في متناول الجميع، أما اليوم فأصبحت (أكلة هامور) مجازفة وتهور وسرف يستحق التأنيب، أسماك كثيرة أصبحت خارج قائمة محدودي الدخل، وتأكد أن تجار (الدلالة) هم السبب الوحيد في ارتفاع أسعار السمك، وهم أيضاً الوسطاء المتسببون في سعار الإيجارات الذي يتخطى كل تصور، مطلوب يد من فولاذ لوقف الاستغلال، والجشع، وشعار "هل من مزيد".* عتاب على السادة المسؤولين بـ"حماية المستهلك" في سؤال لماذا لا ينشر في كل صحف قطر كل من يُضبط يغش أو يستغل أو يتاجر أو يبيع مواد غذائية لا تصلح للاستهلاك الآدمي كعقاب رادع، خاصة أن البعض يكرر غشه مرات، من حق المستهلك أن يقاطع من يبيعه التالف ويتربح منه، فلماذا تحرمون المعتدى عليهم حقهم في التشهير بمن يسرقهم عيانا بيانا؟ * * * صلاة قلبللواقفين التائبين العائدين إلى ربهم مستغيثين برحمته وعفوه، أنصتوا لصوت الحبيب صلى الله عليه وسلم وهو يقول "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، ما أجمل صلاة قلب الخاشعين".