16 سبتمبر 2025

تسجيل

رسالة استثنائية من مؤسس قطر الحديثة

30 يونيو 2013

قطر تفتح صفحة جديدة؛ تبعث للعالم منها رسالة استثنائية تؤكد فيها أن الزعامة والرئاسة ليست غاية أبداً بل هي وسيلة للعمل نحو إرضاء الضمير وتقديم ما يخدم الإنسانية ويعزز مكانتها. فهكذا فهم العالم رسالة سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي تنازل عن حكم البلاد طواعية لجيل فطن من القيادة الشابة التي تواكب عصرها ممثلة في سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد حفظه الله. فبقدر لوعة مشاعر الوداع إثر ترجل " الرجل الأسطورة " الذي حكم قطر بتميز فريد في نوعية الحكم والأداء بمقاييس تاريخ حكام الشعوب والأمم إلا أن قرارات سموه يتخذها القطريون دائماً نهجاً عملياً فسموه صاحب النهضة ومؤسس قطر الحديثة وكان نادراً منذ يومهِ الأول في كرسي الحكم. ديدنه العمل للعبور بقطر إلى موقع يلائم طموحه وطموحات كل المحبين لهذه الأرض والعارفين بإمكاناتها. فقد حولها من مجرد اسم يلازم المجهول سابقاً إلى دولة ذات حضور وتأثير عملي وعميق في كل الميادين بل وشريك مهم ولاعب رئيسي في كل القضايا الإقليمية والدولية ولم يكن عصب مهمته المال وثروات البلاد فقط بل كان العقل والحكمة والتدبير هي بضاعته في هذه المهمة التي حمل خلالها أسم قطر عالياً وحولها إلى وجهة حضارية وتنموية تسابق مقاييس التنمية في أرقى دول العالم بل حضر الإنسان القطري مواكباً لروح المرحلة وشريكاً مؤهلا في إدارة دفتها. لذلك كان التنحي الطوعي للشيخ حمد مليئاً بالعبر ووفيرا بمواطن الفخر فلم يمر يوم على قطر وأهلها طيلة تولي سموه الحكم إلا وكان على أرضهم منجز ولسمعة بلادهم حضور ولمستقبلهم حافز ووافر عطاء. ويسجل من أبرز منجزات سموه أن أسس لمؤسسة الحكم في البلاد نهجاً ناصعاً ورجالاً أكفاء من أبنائه يتولون دفة الحكم بثقة ومواكبة للعصر بعد أن هيأ لهم السبل لهذه المرحلة مثلما قال حفظه الله في خطاب التنحي يوم الثلاثاء الماضي مستشهداً بقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه "علموا أولادكم غير ما علمتم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم " فقد أثمرت جهود سموه وتضحياته في كل قطر وهو يرى الجميع في بحبوحة الخير وأرقى سلالم التنمية وأثمر حرص سموه في ضمان الخلف الصالح القادر على استقبال المهمة وإدارتها. فبادر حفظه الله على استكمال اللوحة الجميلة التي رسمها لقطر ليكون للمستقبل رجاله وللمرحلة القادمة فكرها وعدتها. فسعدت قطر بهذا المنجز الطوعي بل وتباهت به بين الأمم والدول وهو أن جسدت بأن مفهوم العمل في كرسي القيادة لا ينمو بالحيازة القصوى ولا بالاستحواذ بل بالعقلانية والطواعية وحساب توافقات الوقت ليكون لكل مرحلة رجالها هكذا طواعية دون أن تحتشد الميادين بالمعارضين ودون أن تهدر الدماء ودون أن تهان كرامة أو يقاد الفكر إلى حلبة الصراع. بل كان الشيخ حمد يتنازل وهو في ذروة عطائه. ولو خير كل أهل قطر بين استمرار سموه في الحكم لربما صوتوا بأعلى ما يتاح لهم من الأصوات ولكنهم ودعوه وداع المحب وعيونهم تمتلئ بدموع شجن اللحظة وقلوبهم تلبي نداءه وتتجاوب مع رغبته فهو من خاف الله فيهم فأقام بينهم عدلا وأجزل لهم العطاء وبذل من أجل مكانتهم وسمعتهم كل ثمين. فليس لهم من خيار سوى النزول عند رغبة سموه التي سيحفظها التاريخ في أنصع صفحاته وسيذكر المنصفون كيف صنع سموه منهجاً للطواعية والإيثار في التعاطي مع كرسي الحكم الذي يتشبث به الغير ويريقون من أجله الكرامات والدماء. أيضاً عزاء القطريين في وداع واجهتهم وباني عهدهم الجديد ونهضتهم الكبرى أن ودعوا حبيبهم وهو بأبهى حالاته صحة وحضوراً بعد أن استودع مستقبلهم وبلادهم في يد ظن فيها الخير والقدرة. لذلك يردد القطريون أن هذا الأسد ابن أسد وشب في عرين أسود تعلمت أن القوة في الحق والعطاء. وأن الحكم في العدل. وفق الله قطر وسمو أميرها تميم ليتمم المشوار نحو مرحلة لا تخلو من التحديات التي تحتاج الهمم الكبرى.