15 سبتمبر 2025

تسجيل

الإخوان.. أقوالهم أم أفعالهم

30 يونيو 2012

سنحت الفرصة الآن "للإخوان" في مصر بتولي زمام الأمور لحكم البلاد بعد تاريخ طويل من الصراع والمحابس والقضايا لرموز الحزب وأتباعه. فهم الآن في كرسي السلطة وجها لوجه مع الواقع بعد سلسلة التنظير واجتهادات فرض الحلول والمعارضة. وحتى لو سلمنا بشبابية الثورة المصرية وعفوية الشارع هناك والذي انطلقت منه جموع المحتجين مدفوعة بهموم العيش وظلم السلطة وانفرادها بمقدرات البلد وقرارها إلا أن نكهة شعارات الثورة كانت حزبية ومؤدلجة تبعا للتعبئة الإخوانية التي تسنمت الواجهة بصناعة الميول الكبيرة التي حصدت لهم النتيجة الغالبة وإيصال السيد مرسي إلى سدة الحكم حيث وضعت الخيارات المتاحة المصريين على المحك "أما الفلول المستبد أو حكم الإخوان" والذي مهد لوصوله مبكراً بشعار "الإسلام هو الحل" فكانت النتيجة وأصوات المرشحين رغم الطعونات الانتخابية وإلغاء نتائج عدد من اللجان ترفع أسهم السيد مرسي وتصل به إلى كرسي الرئاسة في فتح مُبين للجماعة التي طالما حلمت بالمنصب لتمرير الكثير من الشعارات والطموحات التاريخية داخل البلاد وخارجها. وكما يقول إخواننا في الأردن "حساب الحقل لا يطابق حساب البيدر دائماً" ينطبق هذا المثل بحذافيره على واقع الحال في مصر الآن. فأمام السيد الرئيس سلسلة من المشاكل والعقد التاريخية واليومية المتداخلة مع هموم الناس ومعاشهم والتي ينبغي أن يقدم تجاهها الحلول الناجعة تأكيداً لمصداقية شعار حملته التي استمالت الشارع والتأكيد أيضا على سلامة النهج العام الذي يتبعه السيد الرئيس والمتمثل في نهج الإخوان وعقيدتهم الحزبية. فالحزب الآن أمام لحظات تاريخية وامتحان صعب "في أن يكون أو لا يكون". كما نلفت النظر إلى أن المرحلة حرجة جداً تندمج وتبرز فيها شخصية الدين الإسلامي عموماً لذلك لابد أن تكون التحركات وعموم مراحلها متقنة تفضي إلى حلول إيجابية تحقق للشارع المصري وعموم الأمة ملامح الرضا والقبول. وتلك حالة صعبة محفوفة بالعديد من المحاذير والعقبات. ويأتي في مقدمة مواقف الامتحان للعهد الجديد في مصر مهمة إسكات الشارع المطالب الآن بتحييد دور العسكر ومحاولات استحواذهم على القرار في تنصيب الوزراء في الوزارات السيادية حفاظاً على جملة من التوازنات الدولية والإقليمية ولو بنوع من المرحلية. فكثير من القول المرتهن إلى التخمين أن ثمة صفقات عقدت لهذا الشأن داخلياً وخارجياً لتمرير فوز السيد مرسي رغم غالبيته فكانت الحلول الافتراضية حول "لو فاز" فإذا به يفوز ويقبل بشروط تلك الصفقة إما منفرداً أو من خلال الحزب دون أن تمرر للشارع مفارق اللعبة ومكونها. فهذا هو الامتحان الأول الذي يسقط فيه الإخوان أن تحقق قبولهم الفعلي للشروط التي اعتبروها حالة تتوافق مع "شروط صلح الحديبية" إذا أخذنا في الاعتبار مفارقات شخوص الصلح ومبادئ كل فريق. ومرد السقوط الذي أتكهنه هنا أن الحزب أخفى على العامة كافة الشروط وملامحها رغم أننا في عصر ننتهج فيه الشفافية كمنهج للعمل الديمقراطي الجديد الذي يفرض حياضه على مفاصل اللعبة السياسية في مصر بعد مبارك. أيضاً في خطابه الأول بعد ساعات من إعلان فوزه كانت كلمات السيد مرسي جميلةً جذابة ووصف الخطاب عند المحللين بأنه خطاب راشد يقتبس من خطب الخليفة عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" العديد من الجمل والعبارات سوى أنه لم ينح منحى الغانمين الفاتحين كما فعل سيدنا رسول الله حين دخل مكة بعد الفتح فعفى ووضع عن القوم "عليه الصلاة السلام" بيد أن الإشارة في خطاب السيد مرسي بشأن شهداء الثورة كانت تحمل ملامح الانتقام الشديد من النظام السابق ورموزه مما يصنع أمام المتلقي حالة من الازدواجية في فهم توجهات الرئيس الجديد بين القبول بالشروط وبين العفو والعمل في المرحلة الجديدة بالبناء والإصلاح رغم أنه غير مطالب بفتح الملفات القديمة التي قال القضاء فيها قولته سوى أنها حالة تسترعي الانتباه إلى الجنوح إلى الماضي والماضي البعيد أيضاً حسب خطبة ميدان التحرير التي ألقاها الرئيس مرسي الجمعة الماضي ومثلت اجتراراً وإشغالاً للعامة ربما لتمرير ملفات أخرى! أيضاً حسب الخطاب في بعض مكونه اللغوي حين الإشارة إلى عدم التدخل في شؤون الغير فقد تكون المسألة الآنية ضمن المراوغة السياسية التي انتهجها الإخوان عند بداية الثورة حين أعلنوا عدم رغبتهم الترشح للرئاسة سوى أن الأيام أتت بعكس ما قالوا. فهل نصدق واقعهم أم أقوالهم؟.