10 سبتمبر 2025

تسجيل

مخططات حلف شمال الأطلسي تهدد العدالة والسلامة الدوليتين

30 مايو 2018

من المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية وشركاءها بدأوا يتلاعبون بالملف الكيماوي من قديم الزمان، حيث استعرض كولين باول أنبوبةً اختبارية كأنها تحتوي مادة سامة قد يستخدمها صدام حسين، فاتت سنون ولم يتغير شيء في أسلوبها، ولم تتغير طموحات "العالم تحت الرئاسة الأمريكية".  تخطط الولايات المتحدة وعدد من الدول في حلف الناتو لعقد الدورة العاجلة من مؤتمر الدول المشاركة في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في أواخر شهر يونيو المقبل – كما يزعمون - للبحث في استخدام المواد السامة في بريطانيا وسوريا وغيرهما. ولكن يبرز السؤال: إلى أين وصل التحقيق؟ هل ساعدت الدول هذا التحقيق أو عرقلته؟ ويتضح أن الهدف الرئيسي للحلفاء هو وضع الضغط على روسيا من جانب وعلى السلطة السورية من جانب آخر على خلفية هزيمتها الجيوسياسية وفشل طموحات هيمنة للغرب وفشل تشكيل عالم ذي قطب واحد. وسائل تنفيذ غرضهم غير شرعية من حيث القانون الدولي وفي أساسها المعلومات الكاذبة غير المستندة على نتائج تحقيقات نزيهة. لا يمكن أن يقبل أحد مثل هذه المقاربة لعدد من الأسباب، وهي: أولاً: من المعروف أن مهمة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ولا سيما الأمانة الفنية لها هو العمل على تحقيق حالات استخدام المواد الكيماوية والمراقبة على حظر صناعتها ونشرها وعلى تدميرها، حيث إلقاء الجريمة على أي طرف من الأطراف أو أي دولة من الدول لا يكون إلا في ضمن صلاحيات مجلس الأمن للأمم المتحدة. نستنتج أن الأمريكان يرغبون في تحويل آلية التحقيق إلى آلية الضغط السياسي. ثانياً: الدول المبادِرة رفضت وعرقلت بطريقة علنية عملية تحقيق الاستخدام المرتقب للمواد الكيماوية في سوريا وبريطانيا. روسيا سألت الشركاء أكثر من مرة وبطريقة علنية: ما هو نفع استخدام المادة الكيماوية غير القاتلة ضد الضابط السابق الخائن الذي قد قال كل شيء عرفه؟ كيف عيَّن البريطانيون نوع السام إذا زعموا أنهم لم يطوروها؟ لماذا تجاهلت كلمات ميلوش زيمان الرئيس التشيكي الذي قال إن التشيك طورت "نوفيتشوك"؟ لماذا لا يعطي البريطانيون كافة المعلومات للجانب الروسي في قضية الاعتداء على المواطنة الروسية – يوليا سكريبال – في أراضيها؟ أما سوريا، فلماذا لم يستخدم بشار الأسد الأسلحة الكيماوية قبل سنتين – حينما احتاج إليها - في وقت كانت أغلبية الأراضي السورية تحت سيطرة الإرهابيين؟ أين المنطق في اتهامه باستخدام السام وهوعلى وشك الانتصار؟ لماذا تجاهل الغرب العثور على كيماويات في أنفاق خفرها واستخدمها الإرهابيون؟ لماذا تستند الدول الكبرى على "دلائل" التنظيمات المعروفة لتأييد للإرهاب (القبعات البيضاء)، بينما لا توجد حتى الآن نتائج مسموعة من قبل المنظمات الدولية المختصة؟ أنا لا أتدخل في قضية التسوية السورية – وهنا لا يوجد أي خلاف بيننا أيضاً – وقضية مستقبل رئيس الجمهورية، بل أتناول الملف الكيماوي فقط. ثالثاً: تجاهلت الدول المبادرة للمؤتمر انفضاح المسرحية التي مثلتها "القبعات البيضاء" في سوريا (لم يحضر ممثلو الدول الغربية الاجتماع مع الممثلين والمدراء للفيلم المكرس لـ "الاعتداء الكيماوي" في ريف دمشق، والذي عقدته روسيا في الأمم المتحدة). كيف يمكن لأحد يريد  توقيع العقوبة على المجرم وهو يغطى عينيه وأذنيه حينما يقولون له الحقيقة مهما تتناسب أو لا تتناسب مع استنتاجاته المسبقة؟ في هذه الظروف الصعبة، يسرني بصراحة المستوى العالي للتفاهم الروسي القطري. الدوحة تعرف ألم الاتهامات الكاذبة. موسكو تعرف ألم الاتهامات الكاذبة. ونحن نقوم جنباً إلى الجنب (أو "كتفاً إلى الكتف" كما نقول في روسيا) في جهودنا للحفاظ على عالم يسود فيه القانون والعدالة، والحقيقة لها قوة وليس بالعكس. إننا في جبهة واحدة من الدول التي لا تتنازل لا خطوة ولا كلمة في الدفاع عن سيادتها واستقلالها في السياسات الخارجية والداخلية. انطلاقاً من أمانتي الصادقة بذلك، أنا أقوم بالتواصل الدائم والحوار الصريح مع وزارة الخارجية القطرية وأعطيها جميع المعلومات الخاصة بالملف الكيماوي. والموقف الروسي شفاف ونزيه مئة بالمئة. رجونا شركاءنا معاملة مبادرة عقد الدورة العاجلة بجزيل الانتباه. لماذا لا نستعرض جميع المسائل أثناء الدورة العادية في نوفمبر؟ لماذا لا يريد أحد أن ينتظر نتائج التحقيق؟ لماذا يخاف من تلك النتائج؟ أو لماذا لا يود أحد أن يفعل سيناريو عام 2002، حيث عقدت الولايات المتحدة الدورة العاجلة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لإسقاط الأمين العام السابق جوزي بوسطاني – غير الموالي للغرب؟ أنا لا أتدخل في التفاصيل الفنية للإجراءات، ولكن يوجد ميزة مهمة للمؤتمر العاجل المرتقب. أثناء التصويت لا تُحسَب أصوات الممتنعين (تحسب فقت "مع" و"ضد")، ولذلك نحن نقول إنه – إذا صارت الجلسة - يجب على جميع الدول التي لها موقف ثابت من النظام الدولي العادل أن تعبر عن موقفها عن طريق التصويت ضد المؤامرة لمنع اتخاذ قرار له أهمية جبارة وعواقب خطيرة وبعدد صغير من الدول المنفذة لأوامر واشنطن في قضاياها الدولية والداخلية على خلفية صمت الجميع!