16 سبتمبر 2025
تسجيليقول الله عز وجل (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) وكأن هذا بيان لطيف وإجابة عن سؤال لماذا الصيام؟ ثم لماذا أنزل القرآن؟ فيجيب (هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه) أي: لتقدروا عظمة المنهج ونعمة المنهج. إن بين القرآن والصيام علاقة متينة، فمن أعظم وأهم الحكم من مشروعية صيام نهار رمضان هو تهيئة القلب لتدبر القرآن حين القيام به في الليل. بل وتصل العلاقة إلى اجتماعهما في الآخرة على الشفاعة لصاحبيهما "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال: فيشفعان". يقول ابن رجب: وأعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه، جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هذين الجهادين وفى بحقوقهما وصبر عليهما وفي أجره بغير حساب. إن القرآن هو المنهج، والهادي إلى صراط الله المستقيم، فيه صلاح الفرد والمجتمع، بل والكون كله، وما ضلت الأمة وذلت إلا بالتخلي عن القرآن بهجره أو تعطيله عن العمل والحكم والتطبيق في شؤون الحياة كلها. إنّ هذا الربط المحكم بين القرآن ورمضان، فيه حِكَم ودلالات مهمة وجليلة. إن رمضان يُجدّد العهد بالقرآن، ويذكر بنعمة الله علينا في إنزال القرآن، وبإحسانه أن خص أمتنا بالقرآن وأن عليهم أن يجعلوه منهج حياتهم، وقائدهم إلى طريق الهداية والنجاة، وسبيلهم الأوحد للارتقاء بهم في الدنيا والآخرة. في رمضان أذن الله عز وجل للنور أن يتنزل، فإذا جبريل عليه السلام آخذ بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: "اقرأ" وهكذا نزلت أول آية من هذا الكتاب العظيم في هذا الشهر العظيم. ومن قبل ذلك شهد الشهر الكريم نزول القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وكان ذلك في ليلة القدر (إنا أنزلناه في ليلة القدر). وأي نعمة أعظم من نعمة نزول القرآن؟ نعمة لا يسعها حمد البشر فحمد الله نفسه على هذه النعمة (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا).