19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حاولت جهدي أن أحبس مشاعري وأنفاسي بين أضلعي لحظة البدء بكتابة هذه المقالة، ربما لتحقيق رغبة أحد الأصدقاء الذي نصحني بالابتعاد عن المشاعر باعتبارها لا تبني الأوطان، فما بالكم إذا كانت كلماتي تحاكي مدينة تخلى عنها الأعراب والأغراب بأسرهم، لسبب بسيط، هو أنها ترفض الإذلال وتلعن الاستسلام. الفلوجة التي إذا كان قدر البشرية أن يتسيدها الظلام، فإن قدر الفلوجة أن يتكالب عليها الفجار والأشرار، ولعل ذلك لأنها اتخذت شعارها المأثور: "الموت للاحتلال "، وسجل ابناؤها تضحيات وبطولات لم تسبقها لها أي مدينة في التاريخ المعاصر، فالهمجية والبربرية وآلة الحرب القذرة التي شنت على مدينة المساجد لم تنافسها في وحشية الانتقام سوى، قرينتيها "هيروشيما ونكازاكي" اليابانيتين اللتين قصفتا بالقنابل الذرية على يد "أمريكا" داعية الإنسانية، وراعية الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم.لقد دفنت الفلوجة فلذات أكباها بلا مشيّعين في كل مدن العراق، وتوضّأ أهلها بدماء شهدائهم مع كل تكبيرة أذان صدحت من مآذنها بلفظ الجلالة، وهذا ما جعلها تدفع ثمن الإيمان والإصرار بعد أن أرغمت أمريكا على حمل جثامين كبار جنرالاتها وجنودها في مواكب جنائزية، وركعت قادتها في وحل الهزيمة والخذلان، وجعلتهم يتخبطون بقراراتهم ليجدوا من انسحابهم ممرا آمنا إلى السلامة والطمأنينة لما تبقى من جنودها العائدين إلى بلادهم بلا جوائز ودون أن يتباهوا بنشوة النصر في أعيادهم ومناسباتهم، لقد كان النصر فصيحًا والهزيمة بكماء. الفلوجة التي كانت وما زالت عصية على الكفار لم يتركها المجرمون تستعيد خواتمها وأساورها المرهونة، وتحتفل كالعروس، ويُضيء وجهها كالبرق فيصير أجمل وتزغرد حناجر نسوتها بأغاريد الفرح لفتية شبابها وكهولها، الذين احترقوا بلهيبها وعاشوا في نورها، من المرفوعي القبضات والرؤوس.. الفلوجة لم يتركها الكفار تطرّز ثوبها من قبل مدن العراق الأبيّة بالأوسمة والنياشين. بل ارادوا أن يجعلوها مقبرة للوطن، حتى أصبح أهلها قافلة طويلة من الشهداء، على يد الإرهاب وحملة الرايات السوداء التي يتحكم بها الاحتلال الصهيو أمريكي إيراني.ان العراقيين جميعا يلعنون الإرهاب بكل مسمياته وعناوينه وأن الحرب على الإرهاب لا يختلف عليها شريف ينتمي بصدق إلى العراق الجريح، لأننا على يقين أن لا أحد يرضى أن يتحكم الغرباء بأرضه وعرضه ومقدساته، فالفلوجة أريد لها أن تكون فاقدة الأهلية من قبل أهلها الشرعيين، فما كان من أداة الشر إلا أن سمحت بقصد للقتلة والمجرمين أن يعيثوا بها ظلما وعدوانا وفسادا، حتى يجدوا ذريعة أخرى لعودة مكينة القتل البشرية لتفتك بأبنائها الصابرين على الظلم والمحاصرين بسياسة التجويع والقهر المنهجية وأن يعدوا العدة لها من جديد لاستباحتها بالتعاون مع إيران ومرتزقتها الذين يريدون أن يمتزج دم العراقيين بالقتل فيما بينهم وأن يعطوا رسالة مغرضة، أن أبناء الفلوجة يقتلون على يد اخوانهم من أبناء محافظات الوسط والجنوب، بدليل الاوصاف التي اطلقها بعض السياسيين الطائفيين وكذلك مشاركة جنرالات إيران الذين يطوقون أسوارها ويقصفونها بصواريخ مزينة بصور النمر والراجمات التي تطلق حممها على يد الميليشيات وهم يعلمون أن الفلوجيين مختطفون من قبل الإرهابيين بعد أن تركتهم الحكومة بين فكي كماشة دون أن تسعفهم أو تمد لهم يد العون أو حتى تفتح لهم نافذة للنجاة. لقد عادت أمريكا وأذنابها إلى قبلة الشهداء لأنهم لم يستطيعوا رغم حداثة أسلحتهم وكثرتها أن ينتصروا على قبضة رمل، أو سعفة نخل على ينبوع ماء في الفلوجة.. فأدركوا أن لحم العراق مرٌّ لا يؤكل بسهولة. إنها الفلوجة الشاهدة والشهادة والشهيدة.. التي تنكسر السهام والسيوف والرماح على أطرافها ولا تنكسر.. إنها الفلوجة بنت العراق وأخت البصرة والناصرية والعمارة والنجف وكربلاء والديوانية وسامراء وكركوك والموصل، وباقي المدن التي دافعت جميعها عن الشرف العربي الرفيع الذي لم يسلم من الأذى.