20 سبتمبر 2025

تسجيل

الاعتذار عن الخطأ شجاعة

30 مايو 2016

من الأخلاق الراقية والآداب الجميلة التي نحتاج دومًا أن يذكر بعضنا البعض بها، أدب أو خُلُق الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، حالما يتبين الحق ويظهر الخطأ، فليس أحد منا معصوما عن الوقوع في الأخطاء والزلات، بل إننا عرضة لذلك في كل حين، فهكذا نحن البشر. الجميل في هذا الموضوع أن يرجع صاحب الخطأ عنه فور ظهور الصواب عنده، والقبيح فيه هو التردد أو الدخول في جدال ومراء لا طائل من ورائه، سوى المزيد من احتمالات الوقوع في خطأ آخر وربما أخطاء أكثر، وما مثال أبينا آدم عليه السلام وإبليس بخاف علينا.أبونا آدم عليه السلام، ارتكب خطأ الأكل من الشجرة المحرمة، وانتبه إلى ذلك فاعترف بذنبه واستغفر ربه، فغفر له. لكن إبليس عرف خطأه في عدم السجود وعصيان الأمر الإلهي، ومع ذلك لم يعترف، بل دخل في جدال ومراء حتى خسر أمره، فصار مطرودًا مدحورًا من رحمة الله.الاعتذار خُلُق رفيع ومن صفات وشيم الرجال، وإن العيب ليس في وقوع خطأ من هذا وذاك وتلك، فكلنا خطاؤون. لكن العيب كل العيب أن يعتبر أحدنا الخطأ الذي وقع منه ليس شيئًا ذا أهمية أو لا يستحق الالتفات إليه، فنمضي في حال سبيلنا غير آبهين لما يمكن أن يجره ذلك التطنيش من مشكلات، ويُحدث آثارًا وتبعات، وأحسبُ أن هذا الشعور اللامسؤول والخلق غير التربوي، ربما يعود إلى التنشئة الأولى أو بيئة تساعد على شيوع مثل تلكم الأخلاقيات والمشاعر.من الأخلاق العظيمة الرائعة إذن، أن تعود عن الخطأ وأن تعتذر إلى من ارتكبت الخطأ أو الأخطاء بحقه أو بحقهم، غير آبه إلى أقاويل غير صادقة من تلك التي تصف العائد والمعتذر عن الخطأ بأنه ضعيف الشخصية، فكلها مجرد سخف من القول لا يمت للواقع وللحق القويم بشيء.لا تتردد أبدًا في أن تتأسف لمن أخطأت في حقه أو حقها، فإن تلك المبادرة تعتبر خطوة أولى نحو إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي وإصلاح ما بدر منك، فما تقوم به هو أدبٌ جمٌ رفيع المستوى، ودلالة على ما تتمتع به من نُبل وشجاعة، وإن الجبن كل الجبن في الترفع عن ذلك المسلك.. فما أحوجنا اليوم إلى مثل هذه الأخلاقيات النبيلة الرفيعة التي بها تهدأ النفوس، وتضيق حلقات التوتر -خاصة في تويتر- وتقل مواضع الخلافات والمشكلات، وما أكثرها!