14 سبتمبر 2025

تسجيل

ماذا لو أعادت حماس علاقاتها بإيران ؟

30 مايو 2014

تناقلت الأخبار قبل أيام ما يفيد أن حركة حماس وإيران قد تستعيدان علاقاتهما في ظل ضرورات الطرفين ومستجداتهما، وفي ظل مسابقة أذرع (إسرائيل) في المنطقة نحو إيران في محاولة لاحتوائها ومعسكرها.. ورغم أن حماس نفت بشكل صريح وقاطع صحة أخبار بعينها تتعلق بهذا الموضوع؛ إلا أن أقلاما كتبت حوله؛ بين مفسر للخبر ومنتقد ومتحامل عليه، ومؤيد متجاوز لحيثيات كثيرة يفترض أن ينضبط بها.. ولكن البعض أخرج المسألة من حيزها التحليلي وبعدها السياسي والمصالحي ومن موازين القبول والرفض إلى جعلها مسألة ثوابت وعقيدة ومبادئ وراح يستحضر لها الخلافات المذهبية والفقهية والأمهات القواطع.وبصرف النظر عن صحة الخبر أو عن نفي حماس له.. فإن التكلم في هذه المسألة بهذه الطريقة الثوابتية العقدية المطلقة يستدعي – في نظري - معاودة تركيز بعض المفاهيم التي يبدو أن أحداث المنطقة هزتها وأن اعتداءات إيران وقسوة النظام السوري وحرب نصر الله قد دثرتها.. وأقول: لابد من الاتفاق على أن الموقف السياسي وصناعة السلم والحرب مع أي جهة ليس مرتبطا بالوصف الديني العقدي لهذه الجهة؛ فيحارَب المسلم إذا اعتدى، ويصالَح الكافر ويُبَرُّ به إذا عاهد وسالَم.. فالسلم والحرب حالتان متغيرتان وفق الموقف السياسي وميزان المصالح والمضار.. وغني عن التذكير في هذا السياق بقول الله تعالى (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) أو التذكير بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حارب بعض يهود وصالح يهودا آخرين وحارب بعض المشركين وعاهد مشركين آخرين.. وعليه فمن يرفضون تلاقي حماس بإيران من جديد بناء على الخلاف المذهبي، والذين ينسبون هذه الحالة المتغيرة للثوابت العقدية والقيمية إنما يحجّرون واسعا، ويدخلون الأمور في غير مدخلها. ثم إن السياسة ومناوراتها لا تنحكم دائما بمنطق الطهارة والتدين والصفاء؛ ففيها أيضا وأحيانا منطق الدهاء والدماء، والكذب والمعاريض، والقتل والقتال، والتحالفات والتنازلات، وفيها كل العناوين السياسية التي يعرفها السياسيون؛ ولكن بفارقين اثنين يميزان السياسة الشرعية والسياسي الملتزم؛ الفارق الأول: إن هذه المناحي من السياسة لا تستخدم إلا في حال الضرورة التي تقدر بقدرها، والفارق الثاني أن يكون المقصد نقيا.. فإن ثبت ذلك وتذكرناه فما المشكلة إذا عادت العلاقات بين حماس ومعسكر إيران؛ فيما الصراع مع العدو الصهيوني يتجاوز الحالة الفلسطينية إلى العربية والإسلامية والعالمية والإنسانية، ويبني قاعدة مشاركة كبيرة يمكن أن يلتقي عليها كل المتضررين من هذه الإستراتيجية.. وأعتقد أنه ليس بعاقل ولا مصيب من يزعم أن على حماس تجاهل هذه الحقيقة، وأنه يحرم عليها استثمار ما بينها وبين إيران والنظام السوري وحزب نصر الله بل وأوروبا وأمريكا من مصالح وضرورات.. شريطة أن يكون التلاقي على قاعدة مواجهة العدو، وألا تفقد المقاومة قرارها، وألا تتحول لأداة في مشروع مذهبي ضد أمتها أو ضد الشعب السوري وثورته المجيدة.آخر القول: إذا تغيرت الحالة السياسية بين حماس ومعسكر إيران، وإذا صارت علاقات حماس مع إيران ضرورة وتوفرت لها الاشتراطات الصحيحة؛ فليس ما يمنع ذلك، وليس على حماس أن تأبه بتشهير أعدائها المتربصين بها، ولا أن تردد أمام انتقاد المحبين الموالين لها ممن لا يعرفون ما تعرف ولا يعانون ما تعاني.