15 سبتمبر 2025
تسجيل1. كنتُ في السنة الرابعة في كلية دار العلوم سنة 1401هـ/ 1981م وبينما كنت عند أستاذي د.أحمد هيكل عميد الكلية في مكتبه، إذ دخل صحفي وبدأ حواره، وقال: عندي موضوع جديد ومثير وسوف يغير بنية المجتمع المصري كله وأريدك أن تكون فارسا لاستعراض هذا الموضوع في جريدتنا "الأخبار"، فقال له الدكتور: وما الموضوع؟ فقال: تميز المصري الذي جمع بين خاصيتين لم تؤت لغيره في العالم، وهما: إيمانه بالرب: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) (طه: 14)، وإيمانه بأنه فرعون، حيث يؤمن في أعماقه بما قاله فرعون مصر: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) (النازعات: من الآية 24)، وتصاعد غضبي فجأة لهذه الجهالة الفكرية، والحماقة السطحية. لكني تأدبت لأني طالب بين يدي عميد الكلية، فقلت في نفسي: إن لم يرد سيادة العميد سأخرج وراءه وأحاوره، ولكني أشهد أن أستاذنا الدكتور أحمد هيكل بادره وقال: يا بني هل قرأت شيئا عن الإسلام؟، فقال: نعم قرأت كتابا عن الإسلام، وسكت ليتذكر وقال: الإسلام شريعة و "حاجة كده" ونسي اسم المؤلف، فصححت له فقلت: لعله كتاب "الإسلام عقيدة وشريعة" للشيخ شلتوت، فقال الدكتور هيكل: أشهد إنك لم تفهم منه شيئا إن قرأته حقا، يا بني إن ما تذكره من تميز المصري في الجمع بين "أنا" الإلهي و "أنا" الفرعوني هو عكس بعضهما تماما، كمن آمن بالله وحده وكفر بغيره، لقوله تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: من الآية 256)، ومن آمن بالفرعون إلها أو بنفسه إلها فهو كافر بالله تعالى، يا بني بدلا من هذه الخزعبلات والتهويمات علِّموا الناس كيف يحافظون على أصالة المصري المسلم في الحفاظ على دينه وأخلاقه وشعائره، وأن يبذل قصارى جهده في الحفاظ على خيرات الله في مصر، وانصرف الصحفي وعينه تقول سأبحث عن غيرك يقود الترويج لهذا المشروع!، وفوجئت بعدها أن الكاتب محمود السعدني يكتب صفحة كاملة في "الأهرام" تحت عنوان: "إنهم يعبدون إلها مصريا"، ويفتخر بأنه يعتز بما رآه من سياح صاحبهم من القاهرة إلى أسوان، وقد جاؤوا من بلاد بعيدة ليعبدوا فراعنة مصر، فيقول: شعرت بأعظم الفخار أن أعدادا كبيرة في العالم يعبدون إلها مصريا، ومن هذه المظاهر تسمية الدورة الإفريقية التي جرت في مصر باسم "حورس" وهو إله الشمس عند الفراعنة، وكتب الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في جريدة "الشعب" مقالا بعنوان: "الحق المر" يقول فيه أن هذا ردة عن الإسلام وإحياء لجاهلية الشرك والأوثان، لكن القوم تمادوا وانتقلوا من الألعاب الإفريقية تحت ظلال حورس إلى تكوين تنظيم في الجامعات المصرية يقوده وزير التعليم السابق د. حسين بهاء الدين يحمل الاسم نفسه، ووضع أولى أهدافه سحب البساط في الجامعات من تحت الجماعات الإسلامية وتوجيه الولاء إلى مصر الفرعونية.