19 سبتمبر 2025

تسجيل

رسالة حب من شعب مصر للأمير الإنسان

30 مايو 2011

في المحن تظهر معادن الناس، وفي الكروب تعرف بحق من ذلك الذي آلمه وجعك، وأهمه حزنك، وأوجعه مصابك فهب يحتويك، ويساعدك، ويأخذ بيدك من وحدتك ليكون الصديق والشقيق الذي لا يدخر وسعاً في التخفيف عنك برفدك، ومعونتك، وحمل همك معك، لتقف وتتعافى. ولعل ما قدمه أمير دولة قطر المفدى الشيخ حمد بن خليفة - حفظه الله - لمصر من مساندة معنوية، ومادية فاعلة لرفد الاقتصاد المصري الذي تأثر بالهزة الأخيرة يستحق تقديراً لائقاً لا تفي به عبارة، ولقد لمست في سفرتي إلى القاهرة هذه الأيام بقلب كل من التقيت به مشاعر المودة، والامتنان لسمو الأمير المفدى على مواقفه النبيلة تجاه أزمة مصر الأخيرة، إنه عرفان تعجز عن ترجمته الكلمات، تحية لقطر ولأميرها الإنسان أحملها رسالة حب من شعب مصر الوفي. * * * بعد مبارك المخلوع عادت أخيراً الطيور المهاجرة البديعة إلى أرضها المحبوبة، عاد (زويل) الذي أبدى رغبته في عهد مبارك في أن يفيد وطنه بمشروع علمي ضخم فما كان من (رجاله) النظام البائد إلا وأن اجتهدوا في تطفيشه حتى طفش فعلاً وقد انجلى للرجل ألا جدية، ولا تحفيزاً، ولا احتضاناً، ولا اهتماماً بالكفاءات العلمية النادرة التي يفتح لها الغرب أبوابه ليحصد من عقول شبابنا وفكرهم المبدع، إنجازات فذة تنسب له، ليست من زرعه، ولا إبداعه فقط لأن وطن الكفاءات لفظها، واستهان بها، وخاف منها! اليوم وأنا أرى د. زويل على الجزيرة يتحدث مع الشباب عن مشروعه العلمي الفذ، ويرحب بالعقول المتميزة لتنضم للجوقة المبدعة أتأكد أن العهد الذي كانت فيه قدم الراقصة أغلى من عقل المفكر قد ولى وإلى الأبد، وأن الطيور المهاجرة التي أوجعها صقيع الاغتراب عن وطن تحبه آن لها أن تعود لتبدأ إبداعها، وتهدي مصر الوطن عزفها الجميل. * * * نماذج تتكرر للسيد الرئيس الجالس على (كرسيه) السيادي غير مكترث إلا به، غير خائف إلا عليه، يبذل الغالي والنفيس من نفوس الشباب الذين يذهق أرواحهم ليبقى مسمراً في مكانه، صاماً أذنيه عن رغبة شعبية مدوية في التغيير بعد مرارات الظلم، والاستعباد، وغياب العدالة، وتغول النفوذ السلطوي بالسطو على أقوات الناس وقهرهم! يتكرر نموذج الرئيس الذي لا يريد مفارقة السلطة رغم كراهية الرعية وسخطها عليه، ورفضها له، ويصر السيد الرئيس على أن (يجعمز) على الكرسي على حد تعبير المواطن الليبي المقهور حتى آخر نفس ولو بلغ من العمر عتياً، رافضاً أي محاولة لإزاحته خلاصاً من ظلمه، وعندما يشتد طوفان الرفض الشعبي يفتح النار على صدر الشعب الصابر ليسيل الدم العزيز غزيراً إذ المهم أن يبقى وأن جرى الدم في الشوارع كالسواقي، يتكرر الوجع في أكثر من دولة على الخريطة العربية، كل حكاية تشبه التي قبلها، ومع تكرار النموذج يذهب خاطري إلى (أبو حنيفة) العابد الزاهد الذي أقسم عليه (أبو هبيرة) أن يتولى القضاء فأقسم (أبو حنيفة) على قسمه أنه لن يتولى القضاء فأرسل (أبو هبيرة) رسولاً يحضر (أبو حنيفة) فرفض للمرة الثانية، قال له (أبو هبيرة) سأضربك فقال الرجل الورع "إنما هي ميتة واحدة، وإنك بين يدى الله أذل من موقفي بين يديك" فأمر الحاجب بضربه حتى شج رأسه ثم ألقى به في السجن، في الصباح عجب الناس من (أبو هبيرة) الذي أسرع إلى السجن وأخذ يقبل رأس (أبو حنيفة) معتذراً عما كان منه، وسأله الناس ما الذي غيرك فقال (أبو هبيرة) جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي يقول لي (يا أبا هبيرة أتضرب رجلاً يقول لا إله إلا الله؟ أطلق أبا حنيفة). إن هذه الحكاية المغرقة في الورع والزهد في السلطة توقفني مذهولة أمام كل انتهاكات المتشبثين بالسلطة الذين لم يحضروا قطعاً إجابات منجية وهم بين يدى الله يسألهم عن كل روح أزهقت بأي ذنب قتلت؟ سؤال مفزع وإجابته أفزع لكنها فتنة السلطة، وغواية الدنيا، إلا من رحم ربي! * * * من زمان لم تتكرم سلال الفرح بإلقاء فرحة يتيمة لنا تعزينا ونحن نتقلب في هموم لا تنتهي، ونكبات لا تنقضي، لكن جاءت الأيام الفائتة بفتح معبر رفح ليشملنا فرح عارم وقد فرج الله هم أحبتنا في غزة، وفك الحصار الظالم ليتنسم المحاصرون نسائم حريتهم التي انتظروها طويلاً، مبروك لأهل غزة، وتحية لثوار مصر المبدعين الذين أهدونا حرية مليون ونصف المليون فلسطيني كانوا يموتون كل يوم بحصار ظالم من العدو ومن مبارك الصديق الاستراتيجي لإسرائيل التي تصلي من أجله ليفك محبسه.. يمهل ولا يهمل!! * * * ** طبقات فوق الهمس: لأن الشاعر قال: ما أكثر الإخوان حين تعدهم... لكنهم في النائبات قليل لن تعرف أحبتك إلا في محنتك. بشر الحياة إما أن يكونوا أزهاراً يهدونك العطر، وإما أن يكونوا أشواكاً تؤذيك بجروحها. مهم أن نقرأ الناس من مواقفهم، إنها القراءة الوحيدة الصحيحة. أجمل المشاعر أن تكون محبوباً.