16 سبتمبر 2025

تسجيل

حوار مع صديقي الياباني الذي أسلم عقب قارعة سبتمبر

30 مايو 2011

منذ شهرين وفي جلسة جمعت ثلاثتنا، صاحبي، وأنا، وصديقنا الياباني المسلم الجديد (إسماعيل إبراهيم محمد) قال صاحبي: استطاعت العصبية المقيتة تحويل قارعة سبتمبر إلى عملية تكاد تكون منظمة لإعادة كتابة قصة الإرهاب في التاريخ، فإذا الغرب برئ منه، وإذا الشرق الأقصى بعيدا عنه، وإذا الدين الإسلامي وحده مرادف للانتحار والقتل والدماء، هكذا ترسم العدسات كل يوم، قد يكون ذلك من البعض مقصودا، وقد يكون ذلك في أحوال أخرى من تبعات آلية مهنية، وثورة تقنية (ندركها) في عصر أصبح فيه سيل المعلومات متدفقاً ومتنافساً. قلت: والحاصل أنه في غمرة المعلومات المنهمرة يومياً، وبإلحاح مقصود أو عفوي لتعابير شاعت من قبيل "صراع الحضارات" أو الحرب المقدسة على الإرهاب، كأن اختفت أو كادت حقائق التاريخ في تلافيق الذاكرة، فكدنا ننسى ليس فقط الصراع بين البابوية والإمبراطورية في أوروبا، ووقائع الحرب الأهلية الأمريكية، أو كيف كان مشهد "مقصلة الثورة الفرنسية" بل كدنا ننسى حقيقة أن الحربين العالميتين اللتين فقدت فيهما البشرية ما يصل إلى 70 مليون من القتلى كانتا بامتياز شأنا غربيا بحتا. قال صديقنا الياباني المسلم: لم يكن للشرق المسلم في هذه الحرب ناقة ولا جمل، بل والأدهى من ذلك أننا في صخب الجدل الدائر لسنوات حول مشروع نووي هنا أو هناك، كدنا ننسى أن القنبلة النووية الوحيدة التي جرى استخدامها في التاريخ كانت أمريكية، وكانت بلادي أول من تلقى الصدمة، التي كان لها بالغ الأثر في مستقبلنا. قلت موجهاً حديثي للياباني: ما هي قصة إسلامك يا إسماعيل؟ قال: عقب أحداث 11 سبتمبر الشهيرة غادرت اليابان إلى أمريكا لأستطلع طلع الخبر.. وكانت عندي رغبة شديدة لدراسة الإسلام، خاصة أن أصابع الاتهام كانت موجهة ضد المسلمين، فكان عليَّ تعلم العربية أولا وقبل كل شيء، فالتحقت بالمركز الإسلامي بنيويورك، فوجدت من سارع لتعليمي العربية والقرآن الكريم، كما وجدت من تطوع لترجمة كتب عبد الرزاق نوفل "الله والعلم الحديث والقرآن والعلم الحديث" من العربية إلى الانجليزية لتقديمها لي، وكذلك كُتب الشيخ القرضاوي، والكُتب التاريخية للمؤرخ المحقق عبد العظيم الديب، فاقتربت من الإسلام الحنيف، وابتعدت عن البوذية، ومر عليّ عام بعد قارعة سبتمبر ولم أكن قد دخلت في الإسلام إلا بعد أن حدثت حادثة أمامي في نيويورك، الأمر الذي جعلني أتوجه مباشرة إلى المركز الإسلامي لأعلن إسلامي. قال صاحبي: إذا فإليكما هذه القصة التي حدثت أمامي في نوفمبر 2002م: "بطل القصة رجل مفتول العضلات، عريض المنكبين، تبدو عليه الصحة والفتوة، كان يتجول في إحدى الحدائق بنيويورك، وفجـأة ظهر كلب مفترس ضخم مخيف، وهجم على طفلة صغيرة وأمها تستغيث وتطلب النجدة.. خرج هذا الرجل من بين الناس المتجمعين المتفرجين وانطلق نحو الكلب المتوحش، ونحى الطفلة جانبا، وبدأ صراعه مع الكلب حتى قتله؛ ولكن بعد أن مزق الكلب ثيابه، وخمشه خمشات عديدة في وجهه وصدره، وعضه في كتفه، في هذه الأثناء أخرجت أم الطفلة ألف دولار لهذا الرجل الشجاع الذي أنقذ ابنتها، وفي هذه الأثناء أيضا، كنت ورجل الشرطة نرقب ما يحدث بإعجاب شديد، فاتجه الشرطي صوب الرجل وقال: أنت حقا بطل! غدا سنقرأ الخبر في الصحف تحت عنوان "رجل شجاع من نيويورك ينقذ حياة طفلة من أنياب كلب مفترس". قال الرجل: ولكن أنا لست من نيويورك! رد الشرطي: إذاً سيكون الخبر على النحو الآتي: "أمريكي شجاع أنقذ حياة طفلة صغيرة من أسنان كلب مفترس". رد الرجل: أنا لست أمريكيا! تساءل الشرطي مندهشاً: من أنت؟ ومن أي بلد؟! أجاب الرجل: أنا محمد أحمد مصطفى من البوسنة، لجأت إلى أمريكا بعد مقتل زوجتي وابني في الحرب الظالمة ضد بلدي. عندئذ تغير وجه أم الطفلة وأعادت الدولارات إلى حقيبتها، وفي اليوم التالي ظهر الخبر في الصحف على النحو التالي: (متطرف إسلامي يقتل كلباً أمريكياً بريئاً!) عقب هذه الحادثة أو القصة توجهت إلى المركز الإسلامي لإعلان إسلامي، كما سبق أن قلت، وأمضيت عامين أدرس العربية قراءة وكتابة وحفظ القرآن الكريم (3 أجزاء) في المركز الإسلامي بنيويورك؛ ثم وجهني إخواني بالمركز إلى دراسة علوم القرآن في معهد الدراسات الإسلامية في مارك فيلد ببريطانيا لمدة ثلاث سنوات، بعدها حصلت على منحة دراسية في جامعة الإمام محمد بن سعود – أبها السعودية – وأنا الآن بالسنة الثانية بهذه الجامعة، وفي العام قبل الماضي (مارس 2009) زرت اليابان واستقبلني أعضاء "جمعية مسلمي اليابان" وحصلت على عضويتها والحمد لله رب العالمين. قلت لصديقي إسماعيل: إن شاء الله في المرة القادمة نسمع منك مسيرة الإسلام في اليابان وأحوال إخواننا هناك. قال إسماعيل: في أقرب وقت بإذن الله تعالى.