15 سبتمبر 2025
تسجيلبعد طول التباس حول طبيعة علاقتها بتنظيم القاعدة ومسؤوليتها عن عدد من العمليات الأمنية في مصر ولبنان، أفرجت كتائب عبد الله عزام عن المراسلات التي جرت بين زعيمها ماجد الماجد (سعودي الجنسية)، وعطية الله الليبي الرجل البارز في تنظيم القاعدة في العام 2011. وقد كشفت مؤسسة نخبة الفكر الذراع الإعلامية لكتائب عبد الله عزام عن المراسلات خلال الشهر الجاري، موضحة من خلالها الكثير عن طبيعة الكتائب وارتباطها بالقاعدة وتاريخ نشأتها في لبنان والأهداف التي كانت تضعها لمباشرة عملها. وواضعة بذلك حداً لعدد من التكهنات حول التنظيم الذي يعتبر من أهم التشكيلات الجهادية التي لعبت دورا بارزاً على الساحة اللبنانية.معلوم أن تحت تسمية "كتائب عبد الله عزام" صدرت بيانات تبنت عمليات ضخمة ضد الإسرائيليين في منتجعات طابا وشرم الشيخ في سيناء بين عامي 2004-2006. ثم برزت في لبنان بشكل شبه رسمي بين عامي 2009-2010. وكان من أبرز أعمالها استهداف السفارة الإيرانية في لبنان عام2013 بعمليتين انتحاريتين.بعض الدراسات كانت ترجح أن تكون الجهة التي نفذت عمليات طابا وشرم الشيخ هي نفسها التي تنشط في لبنان نظراً لاشتراك الاسم بين الجهتين. في حين رجحت دراسات أخرى أن الميلاد الحقيقي للتنظيم في لبنان كان على يد السعودي صالح القرعاوي عام 2009. وقد أسس القرعاوي كتائبه متأثراً بأبي مصعب الزرقاوي في العراق. وكان يهدف من خلال التشكيل الجديد لتنشيط العمل الجهادي داخل الساحة الشامية وصولاً إلى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. تؤكد الوثائق المفرج عنها قبل أيام أن الكتائب أنشئت عام 2008 في لبنان. وأن الرجل الثاني فيها والمدعو أبو محمد الفلسطيني يشغل منصب نائب الأمير في سوريا، حيث يعمل هناك منذ العام 2010. وكان المسؤول عن عمليات إطلاق الصورايخ على شمال فلسطين عام 2005. والتي تبناها أبو مصعب الزرقاوي في حينه. وكان الهدف من قصف الأراضي المحتلة، كما تبين الوثائق، إشعال حرب بين حزب الله وإسرائيل لضرب الاثنين معاً وإضعافهما.تتمثل إستراتيجية الكتائب وفق ما يوضحه ماجد الماجد في إحدى الرسائل طبيعة العلاقة مع الجيش اللبناني. فهي ترى أن استهداف الجيش يقوي مناعته شعبياً لذا قررت الامتناع عن استهدافه كذا الأمر مع قوات اليونفيل العاملة في الجنوب اللبناني، لأن اليونفيل من وجهة نظر الماجد تضيّق على أنشطة الحزب وتكشف تحركاته. نافياً في الوقت ذاته أي مسؤولية عن العمليات التي طالت الكتيبتين الإسبانية والإيطالية العاملتين ضمن قوات اليونفيل عام 2007.وقد لعبت الأزمة في سوريا منذ نشوبها في آذار 2011 واستمرارها حتى يومنا هذا دوراً بارزاً في تبلور السلفية الجهادية في لبنان حيث ساهمت بانفلاشها وجعلها أكثر عرضة للاختراق الاستخباري.فمع دخول عدد من اللاجئين السوريين إلى لبنان زادت وتيرة "العمل الجهادي" على الأرض اللبنانية التي لم تعد دار نصرة بل تحولت إلى أرض جهاد تستقطب وتجذب المقاتلين من الجنسيات غير العربية. في الحالة السورية يتبنى تنظيم القاعدة على الأرجح إستراتيجية أبي مصعب السوري الداعية للانتقال من "الجهاد النخبوي" إلى "الجهاد الشعبي" أي تثوير العمل الجهادي عند الشعب السوري بوصوله لكل شرائح المجتمع وطبقاته. وهذا يتطلب ألا يكون الانتماء التنظيمي لدى جبهة النصرة أو كتائب عبد الله عزام منعزلا أو متمايزا كليا عن مكونات جهادية أخرى، حفاظاً على الحاضنة الاجتماعية.والصراع بين جبهة النصرة وتنظيم الدولة بعد الانقسام الشهير بينهما، انعكس تنافسا حادا لها عند السلفية الجهادية اللبنانية على صعيد الاستقطاب وغيره. وتبين الدراسة الاستطلاعية التي أجراها مركز بيو في تشرين الثاني عام 2015، على 11 دولة حول انطباعاتهم عن تنظيم الدول الإسلامية، حيث أتى لبنان على رأس قائمة الدول التي لديها انطباعات سلبية تجاه التنظيم، بنسبة 100% تقريبًا.وتشير القراءة المسحية لهويات أغلب من انخرط في تنظيم الدولة وإلى حد ما في جبهة النصرة من اللبنانيين أنهم من سكان المناطق المهمشة حول المدن أو من أولئك الذين عجزوا عن التكيف الاجتماعي في المجتمع المدني ومتطلباته. ما يدفع باتجاه شرح الظاهرة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية وليس بفعل قدرة الخطاب السلفي الجهادي على الإقناع.