18 أكتوبر 2025
تسجيلتراكم المعرفة لدى شخصٍ معين لأداء عملٍ ما تنتج عنه الخبرة المهنية، وذلك بسبب مزاولته لها، وهي مثلاً كالميكانيكي البارع الذي اكتسب الخبرة بالممارسة دون دراسته لها، ودون اقتناء شهادة دراسية في تعلمه لها، فيكتسب الخبرة بممارسته الطويلة المستمرة، ويمكن أن نسميها خبرة مهنية، أما مقدرة الشخص على أداء عملٍ معين بأفضل وأقصر الطرق، فيعني إنجازه للعمل بشكلٍ صحيح، حينها يظهر الفرق في الفعالية والكفاءة، فنحن نحتاجهما؛ الاثنين الكفاءة والخبرة المهنية، إلا أنه في تقديري الكفاءة قد تفوق الخبرة المهنية، وهي أكثر اهمية في حياتنا العلمية والعملية، حيث إنها المعرفة والخبرة معاً.والسؤال المطروح كيف نحافظ على الكفاءة المهنية؟ فالذي يشاهد شخصاً يحتضر ويلفظ أنفاسه ويصارع الموت، ما إن كان طبياً أو غير ذلك، يأتي في المجالس أو المجتمعات ليروي ما حدث، أو يسترسل في الحديث مع الآخرين بأن فلان بن فلان كان شكله كذا وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وتعب تعباً شديداً، رأيت فيه كذا وكذا وإنه لمنظرٍ لا يتحمله أحد، ويستمر قائلاً: يمكن ذلك من أعماله السيئة، حيث لا داعٍ لذكر ذلك من الأساس، أو الذي يغسل ميتاً، فيتكلم عن ما شاهده حين غسل الميت، كأن يذكر كان متورماً أو فمه فاتحاً أو غير ذلك، فهذه أسرار يجب أن نحتفظ بها ولا يعرفها أحدٌ غيرنا أبداً، وقد يكون الطبيب المعالج يحكي أسرار المرضى الذين يشاهدهم أو يفحصهم، فيسترسل في الحديث مع الآخرين بذكر ما شاهده، وقد يكون المعلم الذي يتابع طلابه من ذوي الاحتياجات الخاصة، فيتكلم عنهم بصورة غير مرضية، فهذه إعاقه ابتلاهم بها الله، فما في الطالب المعاق اليوم قد يحصل معنا نحن الأصحاء غداًَ، وقد يكون موظفاً قريباً من المدير، فينقل أسرار المكتب للآخرين، وقد يكون جندياً في الجيش، فينقل اسرار ما يحدث في الجيش، وهذه من أخطر الأشياء، وقد يكون موجهاً تربوياً ويعمل على نقل أسرار العمل للمدارس الأخرى مستفيداً من وظيفته كموجه، أو مقيم لمدرسةٍ من المدارس، وقد يكون إفشاء أسرار الأصدقاء، ونحن نعرف جيداً أن كثرة الاستمرار في فضح الغير نتيجتها الخصام، وحتى في العلاقات الزوجية، هناك أسرار يجب ألا تتعدى حيطان المنازل، فتكون فقط بين الزوجين لا ثالث معهما، فالبعض قد يحكي لغيره زوجتي كذا أو زوجي كذا، فهذه الأسرار لنحتفظ بها وحدنا، والقصص كثيرة قد لا يحالفني الحظ في ذكرها في أسطرٍ كهذه التي أكتبها.. إذن هناك معايير للنزاهة والشفافية والكفاءة المهنية والاحترام لأي عملٍ من الأعمال، لذلك يجب أن نتميز بالأخلاق الفاضلة وحسن التصرف في جميع أنشطتنا ومعاملاتنا، والالتزام بأدب المهنة، فكثير ما تتسرب أخبار قد لا يدري عنها المسؤول، ويسمعها الآخرون، ويستمر الخبر بين مصدق ومكذب، وبعد ايامٍ قليلة تكون المعلومة التي تناقلها الناس صحيحة، فكيف هذا حصل؟ والإجابة بكل بساطة عن طريق موظفي المسؤول دون أن يعلم بذلك.أخيراً لنتحلَّ بأعلى درجات الانضباط والصدق حين نعمل عملاً ونتقنه، ولنحافظ على الكفاءة المهنية حينما نتعامل أو نتحدث، ولنحافظ على سرية العمل وخصوصيته، وكلنا خطاء وخير الخطائين التوابون، وتحضرني هذه العبارة مما قرأت: كن مؤدباً في حزنك، وحامداً في دمعتك، كاتماً لأسرار عملك، وأنيقاً في ألمك، فالحزن كما الفرح هدية من رب العباد، سيمكث قليلاً ويعود إلى ربه، حاملاً معه تفاصيل صبرك.