13 سبتمبر 2025

تسجيل

إقرار من مجتمع لا يرحم!

30 مارس 2021

الهجمات الفكرية متعددة، وخاصة ما يمس التطلعات التنموية، ولكن الأصح أن ننظر لتلك الهجمات من منظور أكثر عمقاً فيمن يوجه ولمن يعبر عن تلك الهجمات الفكرية للمجتمع، والأهم مداها في مسألة التأثير والفاعلية. فمن الطبيعي أن تتداول الغالبية الانتقادات باختلاف قوة تأثيرها بحسب مرحلتها في التأثير، فإما أن تكون مجرد نقد لا أثر له أو ان تكون بإجماع شريحة مجتمعية معينة تؤثر بشكل مباشر. وهنا أود أن أركز على من وصل إلى مرحلة النقد وشن الهجوم ضد الحراك الاجتماعي المعاصر والتطلعات المؤسسية. الضغوطات الاجتماعية تحد المؤسسة من التقدم، وخاصة عندما يتم التطرق للوطنية بمنظوره المجتمعي السائد المرتبط بالعادات والتقاليد والدين، وبمعايير الكراهية للغرباء أو بأي شيء ليس من داخل الوطن! وتتفاوت مسائل الاستجابة خاصة ولو كانت في الدائرة المجتمعية. وهناك من الانتقادات التي يتلقاها المستقبل بمحدودية ضيقة لغرض الانتقاد من دون غاية إصلاحية واضحة وتفادي التطلع نحو الأمام بشكل معاصر (المعاصرة ليست بالضرورة مخالفة لمعايير الوطنية). فدائماً نلاحظ الأسباب ما وراء الصراعات الفكرية، والتي تبنى على الخوف من المستقبل وما سيحمله للأجيال القادمة ولدور المثقف المعاصر وتبنيه لقضيته الخاصة للوطنية ودفاعه عنها. فنجد ان المسألة تحكمها أداة الخوف إلى حد معين، وما الوطن بالتحديد للمثقف المعاصر وكيف يساهم في تنميتها تماشياً مع رؤية مستقبلية وليس رؤية رجعية؟!. وهنا أعتقد المكان الذي نتجمد فيه، في الواقعية، انعكاس النقد على الواقع وخشية المثقف المعاصر على محيطه خوفاً مما هو خارج إطاره الخاص، فنلاحظ على سبيل المثال الحملات الهجومية على الحراك المؤسسي والخاص بما فيه من مشاريع ثقافية، انخراط مجتمعي أكثر انسجاماً، وامكانيات إبداعية غير محدودة في التعبير، فالدين والعادات والتقاليد على سبيل المثال جزء من الوطنية بالتأكيد، إلا ان الوطنية في واقعيتها ليست متساوية في هذه الحال من حيث درجة التشدد والانتماء، فلا يزال الدين على سبيل المثال متفاوتا عند الأجيال التي يخشى عليها الناقد من التأثير! وهنا تكمن عدة نقاط يجب مراعاتها. أولاً: هل نترقب من مثقف معاصر تحديد توجهاته النقدية وتعميمها على مجتمع لا يتفق فعلياً معه في مستويات الوطنية؟. ثانياً: إن كان المثقف المعاصر يركز على شن الحملات الهجومية التي تؤثر على التنمية السياسية فهو بطبيعة الحال يساهم في اضعاف سياسة بلده بسبب الادعاءات والانتقادات التي يوجهها بشكل مباشر على سياسة دولة أكثر من اتهامه للمجتمع نفسه!. أجد الفجوة العميقة في مسألة توجهات السياسة التنموية والمواجهات الاجتماعية التي تتصادم فيها. "المجتمع لا يرحم" جملة أسمعها مراراً دون أن يوضع لها معيار معين لمسألة عدم الرحمة تلك، والتي تعمل ضد حركة سياسية واجتماعية تتطلع للتنمية ولا تطمح للرجوع للوراء. ولكن ما هو العائق في هذه الجملة، بأن التنمية السياسية تعمل بوتيرة مجتمع لا يرحم، فبالتالي نجد التعطيل في خطوات اجتماعية معاصرة لا يمكنها مواكبة التنمية بسبب انتقاد من يعمل باستمرار على اضعاف سياسة نظام ينتمي إليه! وهذا الأمر بحد ذاته أكثر خطورة على الوطنية عندما تكون اشكاليتها نابعة من الداخل، فالنقد لا يعكس الوطنية بالضرورة، خاصة وان تجردت من المواكبة المستقبلية وتمسكت بأدوات الخوف. فالسؤال الأهم، هل تقبل التحدي بمواجهة هذه الجملة حتى تتمكن من قياس ودراسة معايير عدم الرحمة تلك، فلربما نكتشف بأنها جملة تتطاير في الجو لضمان وجودها دون معيار يتفق عليه الجميع على الصعيد المحلي ولا يعكس واقعية متفق عليها على الصعيد الخارجي! فلا إقرار معينا من جملة "مجتمع لا يرحم" ما عدا الخوف كأداة ترهيب واستسلام، إذ حرص الخوف أن يكون حارس جملة من دون معيار ولا تأثير يذكر!. [email protected]