24 نوفمبر 2025
تسجيلعندما يكتب المدرب أهداف ورشته التدريبية، ويعرضها على المتدربين، ويكتب بانتهاء البرنامج التدريبي، يتوقع من المشاركين ازدياد معارفهم ومهاراتهم بمحاور معينة، يوضحها لهم، ثم يطلب من المشاركين التعريف بأنفسهم واحداً بعد واحد، مع ذكر الاسم والمؤهل، وأبرز نقاط قوته، وأبرز نقاطه التي تحتاج إلى التحسين، وتوقعاته عن هذه الدورة، هذا ليس عن فراغ، ولكن هذه الخطوة مهمة لمدرب الورشة التدريبية، من أجل معرفتها، وهي مؤشرات، ونقطة ينطلق منها المدرب، وتسمى هذه المرحلة بالجلسة الإجرائية "Procedural hearing"، حيث يستفيد منها مدرب الدورة التدريبية للانطلاق، ولربما زاد أو نقص في مادته التي يريد مناقشتها مع المتدربين، ومن أهم ما يميز الدورات التدريبية؛ معرفة المدرب لنقاط قوة المشاركين، وتعزيزها، والتغلب على النقاط التي تحتاج إلى تحسين ومناقشتها، مما يجعله قادراً على التطور وإثراء روح النقاش الهادف، والمعارف والأفكار، والتطوير يؤدي إلى التحسين، والمدرب الناجح هو الذي يكون قادراً على الاستفادة من خبرات الشخص المشارك، لأن الدورة التدريبية عبارة عن عصف ذهني بين الفئة المستهدفة، حيث يكون دور المدرب استنباط المعلومات من الدارسين، وليس هو وحده مصدر المعلومة، وفعلاً قد يجد المدرب معلومات وخبرات ومهارات عند بعض المشاركين غائبة عنه، فيكتسبها بسبب المشاركة التفاعلية مع المشاركين، وهنا نجد الورشة التدريبية أخذت مسارها الصحيح ما بين العصف الذهني، وتعلم الأقران والتعلم التعاوني في أداء الأنشطة التدريبية والملصقات، ومناقشتها حسب كل مجموعة ونشاطها الذي يميزها عن الأخرى.. من جهة أخرى قد يتفاجأ مدرب الورشة التدريبية بأن البعض على دراية تامة بورشته، وقد يتجرأ واحدٌ على أن هذه المادة مرت عليه من قبل، وهنا على المدرب أن يسأله: هل أنا نفس المدرب الذي تلقيت منه المعلومة؟ وهل هو نفس المكان ونفس التوقيت ونفس البيئة؟ حينها سيجيب المشارك بكلمة: لا، وقتها يمكن للمدرب امتصاص انفعاله ويقول له: حسناً قد نستفيد منك إذن، ويراقبه حيناً بعد حين!! ولا غضاضة من أن يرجع له ببعض الأسئلة الأكثر عمقاً، ويقول للمجموعة دعوا فلاناً يوضح لنا ذلك، فهو صاحب خبرة ودراية في هذه المادة، لأنها مرت عليه مسبقاً، فينصدم المشارك وقد لا يحسن الإجابة بشكلٍ جيد، هذا النوع من التعامل مع بعض المتمللين من الدورة أو المشاغبين نسميه بالصدمة المعرفية (Cognitive shock)، وعموماً فمدرب الورشة له فنون يستطيع أن يتعامل بها مع المشاركين على حسب الأوضاع، مع الهدوء التام معهم، وإفساح المجال لهم ليعبروا عما بدواخلهم، وهو يدير النقاش ويتدخل معهم بمنطقية ودراية. وفي الحالتين نستفيد من المادة التطويرية، سواء قابلتنا هذه الدورة التدريبية أم لم تقابلنا، ففي حالة أنها جديدة علينا، نتعلمها ونكتسب منها الخبرات، أما في حالة أن المادة التطويرية مرت علينا، وقابلتنا أكثر من مرة، فتكرارها وممارستها يزيد المهارة التراكمية، ويرسخ التطبيق، ويكفينا أننا نتناقش في مجموعات في عملٍ تعاوني، والكل يدلي برأيه وأفكاره، التي قد تختلف عن أفكار الآخرين، وكلما اشتركت المجموعات معاً في بعض الميول والاتجاهات والقيم، زادت فرص الاستفادة التربوية، بسبب تفاعل بعضهم مع بعض.. أخيراً نحن نتعلم من بعض، فالمدرب يستفيد من المتدربين، بإثراء روح النقاش، والمشاركون يستفيدون من مدربهم باكتساب الخبرات والمهارات، والعملية التعليمية متكاملة، وليكن تفكيرنا إيجابياً، فالتفكير ﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﻣﻬﺎﺭﺓ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻠﻤﻬﺎ وﺇﺗﻘﺎﻧﻬﺎ.. ﻓﺘﻘﻮﺩﻧﺎ حتماً ﻟﻠﻨﺠﺎﺡ، والنجاح لن يتحقق بغير الجرأة في التفكير والجرأة على العمل.