18 سبتمبر 2025
تسجيلنعيش عصراً متسارعاً في أفكاره وعلومه وتقنياته، وما لم نواكب الحاصل ونستثمر المفيد، فإن اللحاق بالركب بعد أن يسير بسرعته الرهيبة، أمرٌ ليس باليسير، والتخلف عنه يؤدي الى الابتعاد عن الواقع سنوات طويلة، وإدراك ما يفوت لن يكون سهلاً أيضاً كما قد يتصوره البعض.الفن السينمائي واحد من المجالات التي اختلفنا عليه وما زلنا، فيما آخرون استمروا وأبدعوا وأتقنوا وتقدموا فساروا بعيداً. بل صاروا يستغلون هذا الفن في تحقيق مآربهم وأهدافهم.. ولا يجوز لأحد أن يعترض على ذلك، فمثلما أنت تفكر، هم يفكرون، وكما أنت تخطط وترغب في تحقيق أهدافك، فكذلك الآخرون، والعبرة بمن يتمكن ويستثمر الموجود.لكن ما يحدث معنا إلى الآن مع الفن السينمائي هو تكرار لسيناريوهات ماضية وقعت ولم نستفد منها مطلقاً.. فقد ظهر الراديو وهابه الناس في مجتمعاتنا وأدخلوه إلى عالم البدع، والضلالة، وكل ضلالة في النار.. إلى أن استأنس الناس به وعرفوا أنه ليس أكثر من صندوق يسمعون فيه القرآن والأخبار وغيرها، فلا مشكلة إذن، بل لماذا تم تحريمه وتفسيق وتبديع من يمتلكه ويستخدمه أساساً؟ تكرر الأمر مع التلفاز وغيره من مستجدات العصر سنوات، ومن ضمن تلك الاختلافات ما نتحدث عنه اليوم باختصار وهو الفن السينمائي، الذي لم نتوحد على رأي بشأنه، على الرغم من أن إيجابياته تفوق سلبياته، ولكن لأن البعض يستخدمه في الشر صار شراً كله، وبالتالي نترك جُله!الأمر أوسع من هذا بكثير، فإن الكاميرات السينمائية مثلاً التي تصور أفلام الخلاعة، هي نفسها التي تصور أفلام الاستقامة.. هي آلات صماء بكماء عمياء، أنت من يحركها ويديرها وليس العكس.. إنها هي نفسها التي قام مصطفى العقاد رحمه الله باستخدامها لتصوير فيلمي الرسالة وعمر المختار، واستفاد منها تلفزيون قطر لإنتاج أروع المسلسلات التاريخية مثل مسلسل عمر.لو أننا اتفقنا على أهمية استثمار الفن السينمائي منذ عقود مضت، واعتبر العلماء دراسته وامتهانه والاشتغال به وتوجيهه نحو مقاصد حسنة، من فضائل الأعمال والمهن، لكان لهذا الفن شأنه في العالم الإسلامي وكذلك في العالم أجمع. إنك حين تبدع وتتقن هذا الفن في إنتاج أعمال توضح تاريخك وحضارتك ورسالتك، وتبرز قادتك ورموزك وتعاليم دينك وأخلاقياتك وقيمك إلى الآخرين، وبالطريقة التي هم يعملون عليها أيضاً، فلا شك أنك ستصل إلى الجميع، وإلا كيف سيطرت الثقافة الأمريكية الاستهلاكية على العالم كله، لولا إبداعهم وإتقانهم في هذا الفن.