12 سبتمبر 2025
تسجيللعلنا لا نختلف على أن أشياء كثيرة قد تغيرت عن زمان! الإسمنت يتصدر المشهد الإنساني، ويغتال الاخضرار، أسوار الفولاذ تعلو كل يوم لتكون مانعاً بين الإنسان والإنسان، التوحش المادي غرز مخالبه في كل رقيق فأدماه، في القلوب قسوة، في المشاعر جفاف، وفي العواطف غلظة!زمان كنا من الرقة بحيث يبكينا لحن، أو قصة، أو حكاية ألم إنسان، فما الذي تغير فينا لنكون غيرنا زمان؟ ربما نحتاج إلى رقائق ترقق القلب، وتنادي على المهاجر من مشاعر، وقبل أي استدعاء أسألكم هل تذكرون الشيخ علي طنطاوي ضيفنا زمان على مائدة الإفطار، بعفويته المحببة، وحديثه الشائق، وبراهينه التي كان يسوقها فنستقبلها برضا؟ هل تذكرون كيف كنا نأسف إذا ما رفع يده قائلا "خلاص المخرج عم بيقول الوكت انتهى" ليودعنا منتظرينه بشغف حتى يعود برقائقه التي تمس قلوبنا؟ ذهب الرجل إلى ربه بعد سنوات من لقائه الرمضاني المحبب، وترك فينا ما كنا نحبه منه، يقول الشيخ طنطاوي رحمه الله، كنت قاضياً في الشام، وكنا مجموعة نمضي المساء عند أحد الأصدقاء، فشعرت بضيق تنفس واختناق شديدين فاستأذنت أصدقائي بالرحيل فأصروا أن أتم السهرة معهم، ولكنني لم أستطع، وقلت لهم أريد أن أتمشى لأستنشق هواء نقيا، خرجت أمشي في الظلام، وبينما أنا كذلك إذ سمعت نحيباً، وابتهالاً يأتي من خلف تلة، وإذ بامرأة يبدو عليها البؤس كانت تبكي بحرقة وتدعو الله، اقتربت منها اسألها ما يبكيكي يا أختي؟ قالت إن زوجي رجل قاس وظالم، طردني من البيت، وأخذ أبنائي، وأقسم ألا أراهم يوماً، وأنا ليس لي مكان، ولا أحد أذهب إليه، فقلت لها ولماذا لا ترفعين أمرك للقاضي؟ بكت كثيراً وقالت كيف لامرأة مثلي أن تصل للقاضي؟ يكمل الشيخ وهو يبكي، المرأة تقول: كيف لي أن أصل إلى القاضي وهي لا تعلم أن الله جر القاضي (يقصد نفسه) من رقبته ليحضره إليها – سبحان الله، من أمره بالخروج في ظلمة الليل ليقف أمامها بقدميه ويسألها هو بنفسه عن حاجتها؟ أي دعاء دعته تلك المرأة المسكينة ليستجيب الله لها بهذه السرعة؟ يا من تشعر بأن الدنيا أظلمت ارفع يديك إلى السماء، تضرع للحبيب القريب الذي يسمعك، وكن على يقين أن الله لا يبتليك بشيء فتصبر عليه إلا وأعد لك بعد الصبر والعناء فرجا وفرحا، والله لقد أرتني الأيام لبعض من عانى وصبر يسرا بعد عسر ما كان متصورا قط ليصدق ما قال الشاعر، ضاقت فلما استحكمت حلقاتها.. فرجت وكنت أظنها لا تفرج. * * * كلام للقلوب* ثق ما كتب لك سيأتيك رغم ضعفك، وما لم يكتب لك لن تناله بقوتك.* قد تأتي الحقيقة على مهل دون عجلة .. لكنها في النهاية ستأتي. * * * طبقات فوق الهمس* نتألم مما نسمع أو نقرأ.. كانوا يضحكون على أستاذهم في الجامعة لأنه يلبس (ساعة بنات) عرفوا فيما بعد أنها ساعة ابنته المتوفاة، والتي يحب الالتصاق بشيء لمسها قبل أن ترحل.. فينا قلوب تتألم ولا تتكلم، وبجهلنا لا نعلم فنؤلم!* وقعت باروكتها، فماتوا من الضحك، واشبعوها سخرية، عندما اقترب أحدهم ليساعدها سمعها تقول وهي تبكي ما ذنبي إذا كان السرطان قد أخذ شعري كله! أرأيتم قسوتنا؟* طفل مستواه الدراسي ضعيف، ذهب لقبر أمه، وأخذ يحدثها باكياً، تعالي معي المدرس يضربني أمام الأولاد ويقول: أمك مهملة، ولا تهتم بك! كم مرة يا ترى قتل المدرس الطفل دون أن يدري؟ * * * إلى الهيئة العامة للسياحة.. شكراً* فريق التفتيش بالهيئة رصد 15 مخالفة لمنشآت فندقية ارتفع معدل الأسعار فيها ما بين 400% و1200%، الرفع كان مبالغاً فيه عن المعدل الذي تم التصريح به، مهم أن نقول شكراً جزيلاً لهيئة السياحة على هذا الحزم المقدر والمراقبة الكاشفة، ومعنى التعديل والرجوع إلى الأسعار الأساسية، ستكون الإقامة الفندقية أقل كثيراً من أسعار إيجار الشقق العادية التي سلخت الناس بما لا طاقة لهم به، السؤال الملح في كل بيت يدفع إيجارا من يحمينا من الفك المفترس؟ من يرحمنا من جشع لا يتوقف عند حد؟ وهل أصبح عاديا أن يطلب المؤجر شيكات لمدة سنتين بالمبلغ الذي يقرره وإلا يمتنع عن تأجير الوحدة؟ وهل أصبح عاديا كلما أنهى ساكن عقده يرتفع الإيجار بعقد من يسكن بعده؟ إلى متى هذا الغبن ومن يرحم الناس من أوجاع لا يعرفها إلا من يعيشها؟* أفضل من يدافع عنك في غيابك.. أخلاقك.