18 سبتمبر 2025

تسجيل

نون النسوة

30 يناير 2016

نحن الآن في عام 1905 تقريباً. وبعدها بسنوات قصار لنتصور أننا في حضرة الثقافة والفن والفكر والشعر والأدب، لنتصور أننا في صالون أدبي صاحبته ترتبط بوشائج مع فنون الإبداع. فهي الكاتبة التي ألهمت عدداً من مبدعي عصرها صوراً شتى وبخاصة في مجال الشعر.. إنها "مي زيادة" ومع ان الدراسات قد ساهمت في إبراز دورها، ودور عدد من الصالونات لاحقاً في قاهرة المعز. فالصديق الدكتور إبراهيم إسماعيل شاهد حقيقي على صالون "سنية قراعة — وصالون خديجة السقاف" وكان دائم الوجود والحضور والمشاركة، إلاّ أن هذا ليس بيت القصيد. ولكن أنا لا أستحضر دور تلك الصالونات، ولكن اللافت للنظر حقاً تلك الكوكبة من المفكرين مع تعدد آرائهم، معتقداتهم، مذاهبهم الأدبية والفكرية، دياناتهم، ومع هذا فقد كانوا حلقات متصلة منفصلة، بين مبدع مسلم ومبدع مسيحي وقد يكون هناك يهودي الديانة، بين المسلم الوسطي والمسلم الذي أسلم القياد للإسلام بحكم الانتماء، بين أصحاب الميول المختلفة والانتماء للأحزاب المختلفة، وكان كل فرد يشكل عالماً مختلفاً، دعونا مثلاً نتأمل الأسماء مثل أحمد شوقي، وطه حسين، وعباس محمود العقاد، ومصطفى صادق الرافعي، وإبراهيم عبدالقادر المازني، وأحمد لطفي السيد، ومصطفى عبدالرزاق، وزكي مبارك، هذا بالإضافة إلى خليل مطران، وشبيلي شمس، وانطوان الجميل وغيرهم، كما أن من بين الحضور يعقوب صروف أمام هذا الزخم من الأسماء. ارتبطت مي زيادة بوشائج الحب مع مبدع عربي يعيش في أمريكا هو جبران خليل جبران، والآن لدي العديد من الاستفسارات منها مثلاً مع كل هذا الجمع هل كانت المناقشات والحوارات في نطاق الأدب فقط؟ من كان المشرف على هذا الصالون ومن يقترح المواضيع ويدير الجلسات؟ هل هي ميّ زيادة أو إنسان آخر. ومن كان يصرف على الصالون هل صاحبة الصالون أم كل حسب قدراته، وهل هناك دور لسيدة أو آنسة أخرى. بمعنى آخر هل ميّ زيادة هي الوحيدة أم ضمت نسوة ومبدعات؟ سؤال أخير.. مع وجود عداء بين العديد من رموز الفن والفكر والإبداع في تلك الفترة، كيف كان كل منهم يتقبل الآخر؟ فالدراسات المختلفة تؤكد تعدد الصراعات بين تيار وآخر.. وفكر وآخر.. ولكن الأجمل أن صالون ميّ زيادة منح الفكر والفن والإبداع هذا الدور المهم والحيوي لنون النسوة.. وهذا هو الأهم.